هنا لأجل إضافته إلى الرازق الذي هو ذو القانون في تنظيم العباد والبلاد، وصاحب الشريعة المحافظة على النظام من الاختلال والفساد، يكون متعينا في الحلال حسب تلك القوانين التشريعية والإرادات القانونية، دون الإرادات التكوينية الكلية الإلهية، فإذا قال الله تعالى:
* (ومما رزقناهم ينفقون) * فلابد وأن يكون من الحلال، لأنه هو الذي رزقه الله تعالى، وأما الحرام في محيط التشريع والقانون فلا يكون مما رزقه الله تعالى، وإن كان من أرزاقه تعالى حسب النظام التكويني، وحسب نفوذ إرادته في كل مكان وزمان، وفي كل مكاني وزماني، فتأمل تعرف.
فتحصل إلى الآن: أن ما اشتهر في كتب التفسير من أن الرزق هو الحظ والنصيب - مستدلين بقوله تعالى: * (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) * (1) - غير بعيد حسب المتفاهم البدوي، إلا أنه يلازم المجازية فيما نحن فيه، وهي خلاف الأصل، ويلازم كون الحرام رزقا، لأنه ربما يكون حظا ونصيبا، وهو خلاف الأدب والحرمة.
إيقاظ اعلم أن اختلاف الأشاعرة والمعتزلة في هذه المسألة ناشئ من الشقاق الكلي الحاصل بينهم في مسألة الجبر والتفويض، وحيث إن الأشاعرة اختاروا الجبر فلامنع من قبلهم من إسناد الرزق الحرام إلى الله تعالى، والمعتزلة لما اختاروا التفويض منعوا عن ذلك، وأنه كيف يمنع