الثاني هي الهداية إلى معرفة الله والتفهم منه لنيل الصراط الأول، فالثاني مقدم طبعا ومؤخر لفظا، والأمر - بعد ما عرفت - واضح لا غبار عليه، ولا شبهة تعتريه.
إيقاظ بناء على قراءة الجمهور يكون العام استغراقيا والعموم أصوليا، أي صراط كل إنسان أنعمت عليه، أو كل ذي عقل أنعمت عليه، أو كل موجود أنعمت عليه، وبناء على قراءة النادر الشاذ يشكل الأمر، وذلك لأن " من " من الموصولات، ويكون عمومه بدليا، فكيف يمكن إرجاع ضمير الجمع الاستغراقي إلى الجمع البدلي، إلا على سبيل الغلط والمجاز، فقوله:
" عليهم " يشمل الأفراد عرضا، مع أن كلمة " من " الموصول يشمل الأفراد طولا، ولذلك يصح أن يقال: كل من في الوجود يطلب صيدا، ولا يصح إضافة " كل " إلى " الذين " مع صحة إضافته إلى " الذي ":
وكل الذي دون الفراق قليل فعلى هذا يتعين قراءة " الذين "، ولا يجوز في هذه المواقف قراءة " من ".
اللهم إلا أن يقال: بأنه - مضافا إلى إرجاع ضمير الجمع إلى " من " الموصول في بعض الآيات وعليك الفحص عنها - أن كلمة " من " الموصول من ألفاظ العام البدلي، ولكنه إذا صح إطلاقه على البدل على كل أحد في الاستعمال الواحد، فلابد وأن يحضر في النفس من تلك الكلمة الأفراد الكثيرة الإجمالية متعاقبة، وعند ذلك يجوز إرجاع ضمير