الهداية، وإذا اهتدت الأسماء الإلهية بتلك الهداية الربوبية، يكون مظاهرها مهتدية تبعا للظاهر، الذي هو المهتدي بالكتاب في الأزل حسب التحقق والوجود، فيكون الكل من المتقين.
وعلى المشرب اللطيف ومسلك الخبير البصير أن هذه المشارب تختلف حسب الآفاق والمنازل، وتتشتت حسب المقتضيات والمواد، وحسب المناكحات في الأسماء والصفات، ولكنها ترجع إلى الأصل الواحد، كما ترجع أرباب المسالك إلى الرب الوحيد والفريد، وقد تقرر منا مرارا: أن الكتاب الإلهي النازل لا يناله بحقيقته إلا الرب المنزل إياه على عبده (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا نمنع أن يكون - في جميع آياته وحروفه - كل الحقائق، بنحو الإيماء والإرماز وبنحو اللف والإجمال، وكيف لا يكون الأمر هكذا؟! وقد صرح بقوله تعالى: * (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة) * (1)، فإن القرآن مخزن يتنزل منه هذه النازلات في الأوراق والأسماع، فتكون هي مجالي ومرائي لتلك المخازن الغيبية، فلا يخص بأحد المعاني المزبورة، بل يتسع وجوده - حتى بحسب الألفاظ - لجميع تلك الإشعارات والإيحاءات. والله هو العاصم، وله الشكر والحمد، ونرجوه أن يوفقنا لخير من ذلك، وهو الموفق والمؤيد.