أقول: أما اعتبار العلو والاستعلاء في الأمر فهو غير صحيح، لا في مادته ولا في هيئته، لا هما مجموعا، ولا الاستعلاء أو العلو، ولا على سبيل الخلو، وقد تحرر منا إنكار ذلك، ولا سيما في الهيئة، وقد كشفنا نقاب الشبهة عن هذه المشكلة بذكر الشواهد والقرائن (1).
وأما المعاني التي ذكرناها وذكروها لهيئة الأمر، فهي ليست معانيها الموضوع لها الهيئة، بل الهيئة في عالم الاعتبار، أقيمت مقام التحريك التكويني في الخارج نحو الشئ، مع سكوتها عن سائر الخصوصيات الموجودة في نفس المحرك حال التحريك، فكما إذا أراد الإنسان شيئا من الأصم، يأخذه فيحركه نحو مريدا بذلك إغراءه وبعثه، كذلك بالهيئة يصنع ذلك في الاعتبار وعالم الوضع والألفاظ. وأما سائر المعاني الاخر الموجودة في النفس، فهي الدواعي المختلفة المستدعية لذلك التحريك ومن العلل السابقة عليه، من غير كون الهيئة موضوعة لها، مثلا: إذا كان يريد تعجيز المخاطب، يبعثه ويحركه نحو الإتيان بسورة من مثله، قاصدا بذلك التحريك تعجيزه، لا أن الهيئة موضوعة للتعجيز، وهكذا، فقولنا: " إهدنا "، أمر وتحريك، ولكنه من الفقير العاجز بداعي توجيه المخاطب وتلطيفه، فافهم واغتنم.
إيقاظ علمي: حول طلب الهداية اعلم أن المحرر في الأصول لدينا: أن الهيئة موضوعة للتحريك