البحث الثاني وجه تعريف " الكتاب " لا يبعد حسب بعض الأنظار كون الكتاب خبرا ومسندا في هذه الآية الشريفة، وعلى هذا يتوجه السؤال عن وجه تعريف المسند وظهوره في الحصر، حسب ما اعترف به أرباب الفن (1)، وإن كان يحتمل كونه تأكيدا في مفاد الجملة.
وبالجملة: على التقدير المزبور فلابد هنا من أحد أمرين: إما دعوى أن سائر الكتب ليست حقيقة كتابا، لزواله واضمحلاله وفنائه بمرور الدهور ومضي الأيام والعصور، وما هو الثابت والمحرر الباقي هو هذا الكتاب دون غيره، وأما أن تلك الحقائق حقيقة الكتاب الذي كتبه الرحمن بالأقلام الإلهية على الألواح السماوية أو الأرضية، وسائر الكتب المدونة الإلهية وغير الإلهية صور شؤون ذلك الكتاب، ومرتبة نازلة منه، لكن الكتب الحقة بأنواعها صور شؤون تلك الحقائق التي تتراءى في المرائي المستقيمة الصافية، والكتب غير الحقة بأنواعها وفنونها وشؤونها المترائية في المرايا المعوجة الكدرة التي لا ترى الصور فيها إلا على خلاف ما هي عليه (2).