المبحث الثالث حول رد القول بالجبر والتفويض قد استدل بها: على أن مقالة الأشعريين بالجبر فاسدة وباطلة (1)، ضرورة أن قيام العباد بالعبادة وإسناد الفعل إليهم وقيامهم بالاستعانة بالله، لا معنى له إلا كون الأفعال أفعالهم، وأنه تعالى يعينهم على الأفعال الصادرة عنهم، ففعل العبادة التي استعان فيها به تعالى، يصدر عنه بإرادته وبإعانته تعالى.
فيبطل المذهب الآخر، وهو التفويض، ويعلم أن العابد يتصدى بنفسه للعبادة، وهو تعالى يعينه عليها، فلا يكون يتمكن من غير إعانته عليها، فلا يستقل في الإرادة وغيرها.
وهذا هو الأمر بين الأمرين والمذهب الفحل واللبن السائغ للشاربين، فلا جبر ولا تفويض ولست أشعريا ولا معتزليا، بل حنيفا مسلما متوسطا على صراط مستقيم لا إعوجاج فيه ولا انحراف، والله المستعان.
وإن شئت قلت: نفس طلب الاستعانة يكفي لرفع غائلة الجبر والتفويض.
اللهم إلا أن يقال: بأن ترخيص المولى بالطلب وإسناد الفعل إلى