من المجردات، وأن الحركة الذاتية الطبعية الاستكمالية، توجب اشتداد الإيمان والعلم من غير انثلام وحدة النفس وتوابعها، فكما أنها بذاتها متحركة وباقية، كذلك توابعها، فالمدح عليه صحيح. نعم يثبت بذلك درجات الإيمان ومراتبه، وأن الإيمان ذو حصص كثيرة غير متناهية بالقوة تبعا لحصص الحركة، وسيظهر في محله توضيح مراتبه الأصلية إن شاء الله تعالى.
البحث الثالث دلالة الآية على الرزق القابل للتغيير يستفاد من قوله تعالى: * (ومما رزقناهم ينفقون) * أن الرزق على نحوين ونوعين: رزق مقسوم بالقسمة القطعية، وهو الذي يصل إلى العبد مثلا، ويعيش به وينتفع منه، وهذا هو الرزق الذي لا يعقل إنفاقه، وهو في الكتاب الأول وفي أم الكتاب، ورزق مقسوم قابل لأن يتبدل ويتغير، فهو واصل إلى العبد، ويكون تحت اختياره تشريعا وتكوينا، ولكنه يصلح لأن يطرأ عليه الاستبدال، ويكون لغيره، وهو المقسوم في الكتاب الثاني، وهو كتاب المحو والإثبات، وهذا هو الذي يمكن إنفاقه، ويصلح المدح عليه والأمر به، فمن قوله تعالى: * (رزقناهم) * يعلم أن الرزق مخصوص بهم، ومن قوله تعالى: * (ينفقون) * يعلم أن الاختصاص لا يكون على وجه لا يمكن تغييره وتبديله، فالآية الشريفة تشهد على ما تقرر في محال اخر من أن الخصوصية الثابتة من الغيب ومن ناحية المبدأ الأعلى، ليست غير