احترازا، ف " المتقين " موضوع لتوضيح الجملة الثانية وكشف حالها به.
ولكن الإنصاف عدم تمامية هذا البيان أيضا كما ترى.
فالمراد من المتقين بالإرادة الاستعمالية معنى أعم، ويحصل التقييد بالتوصيف، فلا تكون الجملة الثانية إلا احترازا، وقد عرفت منا في محله أعمية المتقين وشموله لجميع الأصناف حتى الكفار، فليراجع.
النقطة الثانية حول عمومية " الذين يؤمنون " لا شبهة في العموم الأفرادي، وأما العموم الأحوالي بالنسبة إلى مراتب الإيمان فهو ممنوع جدا، فلا تكون إلا في موقف أن الكتاب هدى للمؤمنين، البالغين المرتبة الراقية من الإيمان، بل هو أعم من ذلك. فمن اتصف بصرف وجود الإيمان ونفس الطبيعة، فهو مشمول الآية الكريمة، ولا معنى لإطالة الكلام هنا حول مراتب الإيمان وخصوصياته، فإنه خارج عن ديدننا في هذا الكتاب، ولا يجوز التوغل لأجل المناسبات الضعيفة في المطالب الخارجة عن مداليل الكتاب جدا.
وأما الشبهة والخلاف في عمومه الأفرادي فهو بلا دليل. وربما يقال باختصاص هاتين الآيتين بطائفة، وهي العرب المؤمنون، واستدلوا على ذلك بالآية الآتية: * (والذين يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك) *، ضرورة أنه لم يكن للعرب كتاب قبل الكتاب الذي أنزله الله عز وجل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) تدين بتصديقه والإقرار والعمل به، وإنما كان الكتاب لأهل