كون المخاطب أعم من المؤمنين، * (وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * (1).
اللهم إلا أن يقال: إن هذه الآية تشهد على مقالة المعتزلي كما سبق، لأجل أن ما يستند إليه تعالى هي النعم وكمالات الوجود الحقيقية، دون الوهمية، فالكمالات الوهمية تستند إلى أنفسهم الكافرة والملحدة والضالة، فليتدبر.
ولكن الشرور التي رأسها الضلالة - التي تكون سببا للغضب وتوغل الطبيعة في الظلمات - مستندة إلى غيره تعالى بالذات، لأن الخير المطلق لا يصدر منه إلا الخير المطلق، وإنما الشرور من النسب الملازمة للمادة ولواحقها، ولذلك لا تزاحم بين المجردات، كما تحرر وبلغ نصاب التحقيق في " قواعدنا الحكمية ".
وقال في " الفصوص " في " فص الحكمة السبوحية في كلمة نوحية ": اعلم أن التنزيه عند أهل الحقائق في الجناب الإلهي عين التحديد والتقييد.
وقال الشارح: اعلم أن التنزيه: إما أن يكون من النقائص الإمكانية فقط، أو منها ومن الكمالات الإنسانية أيضا، وكل منهما - عند أهل الكشف والشهود - تحديد للجناب الإلهي وتقييد له، لأنه يميز الحق عن جميع الموجودات، ويجعل ظهوره في بعض مراتبه، وهو ما يقتضي التنزيه دون البعض، وهو ما يقتضي التشبيه كالحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع