والبصر وغير ذلك، وليس الأمر كذلك، فإن الموجودات - بذواتهم ووجوداتهم وكمالاتهم - كلها مظاهر للحق، وهو ظاهر فيهم ومتجل لهم، وهو معهم أينما كانوا، فيه ذواتهم ووجودهم وبقائهم وجميع صفاتهم، بل هو الذي ظهر بهذه الصور كلها، فهي للحق بالأصالة، وللخلق بالتبعية (1). انتهى ما أردنا نقله.
وربما يتوجه على أرباب هذه المقالات، وفيهم صاحب " الحكمة المتعالية "، وهو صريح الوالد العارف المحقق - على ما ببالي في حواشيه على الفصوص (2) -: أن التسبيح إن كان بنحو القضية المعدولة فالحق كما أفيد، وأما إذا كانت بنحو السالبة المحصلة، فلا يستلزم التحديد، ولا إخراج شئ عن حكومته وسلطانه، لأن السالبة المحصلة صادقة عند انتفاء الموضوع.
أقول: ربما يستشعر من قوله تعالى: * (قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) * (3) أن الحسنات مستندة بالذات والسيئات بالعرض، لأنها أعدام، ولا شبهة في أنها ليست أعداما مطلقة، بل هي الأعدام المرسومة من لواحق الوجودات.
وبعبارة أخرى: لا يعتبر النقص إلا عند الكمال، فإذا لم يكن كمال في العالم، فلا معنى لأن يحمل على شئ عنوان الناقص ولو كان حملا بالعرض، فإذا كان الكمال مستندا إليه تعالى، فلابد أن تحصل هذه النسبة