من كفر منهم فتأويل الآية " وان من أهل الكتاب ": التوراة والإنجيل " لمن يؤمن بالله " أي يصدق بالله ويقر بوحدانيته، " وما أنزل إليكم " أيها المؤمنون من كتابه ووحيه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله، " وما أنزل إليهم " يعني إلى أهل الكتاب من الكتب " خاشعين " يعني خاضعين بالطاعة مستكينين له بها متذللين قال ابن زيد:
الخاشع: المتذلل الخائف. " لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا " معناه لا يحرفون ما أنزل الله في كتبه من أوصاف محمد صلى الله عليه وآله فيبدلونه، ولا غير ذلك من أحكامه، وحججه لغرض من الدنيا خسيس يعطونه على التبديل، وابتغاء الرئاسة على الجهال، كما فعله غيرهم ممن: صفه بقوله تعالى: " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى " (1) وقال: " أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة " (2) لكن ينقادون للحق، ويعملون بما أمرهم الله به مما أنزل إليهم، وينتهون عما نهاهم عنه ثم قال: " أولئك " يعني هؤلاء الذين يؤمنون " بالله. وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم... لهم أجرهم عند ربهم " يعني لهم عوض أعمالهم وثواب طاعاتهم فيما يطيعونه فيها مذخور عند ربهم حتى يوفيهم يوم القيامة " إن الله سريع الحساب " وصفه بالسرعة لأنه لا يؤخر الجزاء عمن يستحقه لطول الحساب، لأنه لا يخفى عليه شئ من أعمالهم قبل أن يعملوها وبعد أن عملوها، فلا حاجة به إلى احصاء، عدد فيقع في الاحصاء ابطاء وقال الجبائي: لأنه قادر على أن يكلمهم في حال واحدة كل واحد بكلام يخصه. لأنه قادر لنفسه و " خاشعين " نصب على الحال، ويمكن أن يكون حالا من الضمير في " يؤمن " وهو عائد إلى قوله: " لمن يؤمن بالله " ويمكن أن يكون حالا من قوله: (إليهم) وقال الحسن: الخشوع: الخوف اللازم للقلب من الله. وأصل الخشوع: السهولة: والخشعة، سهولة الرمل كالربوة. والخاشع من الأرض: الذي لا يهتدى له، لان الرمل يعفي اثاره.