النفي قد دخل في قوله: " لا أضيع " من ههنا ليست زائدة، لأنها دخلت لمعنى ولا يصلح الكلام إلا بها، لأنها للترجمة والتفسير عن قوله: " منكم " بمعنى لا أضيع عمل عامل منكم من الذكور والإناث، قالوا ولا تكون من زائدة إلا في موضع جحد. وقوله: (لا أضيع عمل عامل منكم) لم يدركه الجحد لأنك لا تقول لا أضرب غلام رجل في الدار، ولا في البيت، فيدخل ولا، لأنه لم ينله الجحد ولكن (من) مفسرة. وقوله: " لأكفرن عنهم سيئاتهم " معناه لاذهبنا واسقط عقابها، وهذه الآية، والتي قبلها - في قول البلخي - نزلت في المتبعين للنبي صلى الله عليه وآله والمهاجرين معه ثم هي في جميع من سلك سبيلهم واتبع آثارهم من المسلمين. وقوله:
" لأكفرن عنهم سيئاتهم " أي لأغطينها وأمحونها وأحطنها عنهم بما ينالهم من ألم الهجرة والجهاد واحتمال تلك الشدائد في جنب الله. وحمل السيئات على الصغائر.
وقوله: " ثوابا من عند الله " نصب على المصدر ذكر على وجه التأكيد، لان معنى " ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار " (1) لأثيبنهم، ومثله " كتاب الله عليكم " لان قوله: " حرمت عليكم أمهاتكم وبنانكم " (2) معناه كتب الله عليكم (وكتاب الله عليكم) مؤكد ومثل ذلك " صنع الله الذي " (3) لان قوله: " وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب " (4) قد علم منه أن ذلك صنع الله. وقوله: " من ذكر أو أنثى " روي أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله:
ما بال الرجال يذكرون، ولا تذكر النساء في الهجرة، فأنزل الله هذه الآية روي ذلك عن مجاهد، وعمرو بن دينار، ويقال ان القائل لرسول الله صلى الله عليه وآله كانت أم سلمة (رض). وقوله: " بعضكم من بعض " قال أبو علي: يحتمل أمرين:
أحدهما - أن يريد بقوله: " بعضكم " العاملين " من بعض " يعني بعض العمل الذي أمرتم به.