عليها الظلم، فان البالغة تختار لنفسها، وقيل: معنى " ما طاب لكم من النساء " من أحل لكم منهن دون من حرم عليكم، وإنما قال: " ما طاب " ولم يقل: من طاب وإن كان من لما يعقل وما لما لا يعقل لان المعنى: انكحوا الطيب أي الحلال هذه العدة، لأنه ليس كل النساء حلالا، لان الله حرم كثيرا منهن بقوله:
" حرمت عليكم أمهاتكم " (1) الآية. هذا قول الفراء. وقال مجاهد: فانكحوا النساء نكاحا طيبا. وقال المبرد: " ما " ههنا للجنس كقول القائل: ما عندك؟ فتقول: رجل أو امرأة، فالمعني بقوله: ما طاب الفعل دون أعيان النساء وأشخاصهن، لان الأعيان لا تحرم ولا تحلل، وإنما يتناول التحريم والتحليل التصرف فيها، وجرى ذلك مجرى قول القائل: خذ من رقيقي ما أردت: إذا أراد خذ منهم إرادتك ولو أراد خذ الذي تريد لم يجز إلا أن يقول خذ من رقيقي من أردت وكذلك قوله:
" أوما ملكت ايمانكم " معناه أو ملك ايمانكم، ومعنى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " فلينكح كل واحد منكم مثنى وثلاث ورباع، كما قال: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " (2) معناه: فاجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة. وقوله: (مثنى وثلاث ورباع) بدل من (ما طاب) وموضعه النصب وتقديره: اثنين اثنين، وثلاثا وثلاثا، وأربعا أربعا، إلا أنه لا ينصرف لعلتين، إحداهما: انه معدول عن اثنين اثنين وثلاث ثلاث في قول الزجاج، وقال غيره: لأنه معدول ولأنه نكرة، والنكرة أصل للأشياء، وقال غيرهم: هو معرفة، وهذا فاسد عند البصريين، لأنه صفة للنكرة في قوله: " اولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع " (3) والمعنى اولي أجنحة ثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة. وقال الفراء لأنه معدول، لأنه يقع على الذكر والأنثى، ولأنه مضاف إلى ما يضاف إليه الثلاث، فكأن لامتناعه من الإضافة كان فيه الألف واللام. قال الشاعر: