" والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه إلى قوله: سوء الدار ". وبه قال أيضا مجاهد: وقال قوم: بل العقود التي يتعاقدها الناس بينهم ويعقدها المرء على نفسه كعقد الايمان، وعقد النكاح، وعقد العهد، وعقد البيع، وعقد الحلف.
ذهب إليه عبد الله بن عبيدة وابن زيد، وهو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه.
وقال آخرون: ذلك امر من الله لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به من عند الله.
ذكر ذلك ابن جريج وأبو صالح. وقال الجبائي: أراد به الوفاء بالايمان فيما يجوز الوفاء به. فاما ما كان يمينا بالمعصية، فعليه حنثه وعليه الكفارة. وعندنا ان اليمين في معصية لا تنعقد، ولا كفارة في خلافها. وأقوى هذه الأقوال ما حكيناه عن ابن عباس أن معناه أوفوا بعقود الله التي أوجبها عليكم، وعقدها فيما أحل لكم وحرم، وألزمكم فرضه. وبين لكم حدوده. ويدخل في جميع ذلك ما قالوه إلا ما كان عقدا على المعاونة على أمر قبيح. فان ذلك محظور بلا خلاف.
وقوله: " أحلت لكم بهيمة الأنعام " اختلفوا في تأويل بهيمة الأنعام في هذه الآية فقال قوم: هي الانعام كلها: الإبل والبقر، والغنم. ذهب إليه الحسن وقتادة والسدي والربيع والضحاك، وقال آخرون: أراد بذلك اجنة الانعام التي توجد في بطون أمهاتها إذا ذكيت الأمهات. وهي ميتة. ذهب إليه ابن عمر وابن عباس. وهو المروي عن أبي عبد الله. والأولى حمل الآية على عمومها في الجميع.
والانعام جمع نعم، وهو اسم للإبل، والبقر والغنم خاصة عند العرب كما قال تعالى: " والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون " ثم قال: " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " ففضل جنس النعم من غيرها من أجناس الحيوان وأما بهائمها فإنها أولادها. وقال الفراء بهيمة الأنعام: وحشها كالظباء، وبقر الوحش، والحمر الوحشية. وإنما سميت بهيمة الأنعام، لان كل حي لا يميز، فهو بهيمة الأنعام، لأنه أبهم عن أن يميز.