الثاني - قال الضحاك هو سكر النوم خاصة. وأصل السكر من السكر، وهو سد مجرى الماء يقال سكره يسكره، واسم الموضع السكر والسكر، لانسداد طريق المعرفة به. سكر يسكر سكرا وأسكره إسكارا، وسكرة الموت غشيته.
فان قيل: كيف يجوز نهي السكران في حال سكره مع زوال عقله، وكونه بمنزلة الصبي والمجنون؟ قلنا عنه جوابان:
أحدهما - إنه قد يكون سكران من غير أن يخرج من نقص العقل إلى مالا يحتمل الأمر والنهي.
الثاني - إنما نهوا عن التعرض للسكر مع أن عليهم صلاة يجب أن يؤدوها في حال الصحو. وقال أبو علي: فيه جواب ثالث وهو أن النهي إنما دل على أن عليهم أن يعيدوها إن صلوها في حال السكر.
فان قيل: كيف يسوغ تأويل من ذهب إلى أن السكران مكلف أن ينتهي عن الصلاة في حال سكره؟ مع أن عمل المسلمين على خلافه، لان من كان مكلفا تلزمه الصلاة، قلنا عنه جوابان:
أحدهما - أنه منسوخ.
والآخر - إنه نهي عن الصلاة مع الرسول صلى الله عليه وآله في جماعة.
وقوله: (ولا جنبا إلا عابري سبيل) يقال: رجل جنب إذا أجنب، ورجل جنب أي غريب، ولا يثنى ولا يجمع، ويجمع أجنابا أي غرباء، وإنما نصب لأنه عطف على قوله: " وأنتم سكارى " وهي جملة في موضع الحال. وقيل في معناه قولان.
أحدهما - قال علي (ع)، وابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والحكم، وابن كثير، وابن زيد: إلا مسافرين فلكم أن تتيمموا.
الثاني - قال ابن عباس في رواية أخرى، وجابر، والحسن، وسعيد بن جبير، وإبراهيم، والزهري، وعطاء، والجبائي: ان معناه لا تقربوا مواضع الصلاة من المساجد إلا مجتازين، وهو قول أبي جعفر (ع)، وحذف لدلالة الكلام عليه،