والعين التي هي الجارحة عبارة عن الشق بين الجفنين. والادبار جمع دبر، وأصله من الدبر يقولون دبره يدبره دبرا فهو دابر: إذا صار خلفه. والدبر:
خلاف القبل. والدابر: التابع. ومنه قوله: " والليل إذا أدبر " (1) أي تبع النهار. فاما أدبر فمعناه ولى. والدبور: الريح، لأنها تدبر الكعبة إلى جهة المشرق. والدبار الهلاك. ودابرة الطائر: الإصبع التي من خلف. والدبر: النحل.
والدبر: المال الكثير، والتدبير، لأنه احكام ادبار الأمور، وهي عواقبها.
المعنى:
وقوله: (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) قال السدي، وقتادة، والحسن: معناه نمسخهم قردة وإنما كنى عنهم بقوله: " أو نلعنهم " بعد أن خاطبهم بقوله: " يا أيها الذين " لامرين:
أحدهما - التصرف في الخطاب، والانتقال من مواجهة إلى كناية كما قال:
" حتى إذا كنتم في الفلك " فخاطب ثم قال:
" وجرين بهم " (2) فكنى.
والثاني - أن يعود الضمير على أصحاب الوجوه، لأنه بمنزلة المذكور.
وقوله: " وكان أمر الله مفعولا " قيل في معناه قولان:
أحدهما - ان كل أمر من أمور الله من وعد أو وعيد أو مخبر خبر فإنه يكون على ما أخبر به، ذكره الجبائي.
والثاني - ان معناه " وكان أمر الله مفعولا " أي الذين يأمر به بقوله:
" كن " وذلك يدل على أن كلامه محدث. وقال البلخي: معناه أنه إذا أراد شيئا من طريق الاجبار. والاضطرار كان واقعا لا محالة. لا يدفعه دافع، كقبض الأرواح، وقلب الأرض وارسال الحجارة، والمسخ وغير ذلك، فاما ما يأمر به على وجه الاختيار، فقد يقع، وقد لا يقع. ولا يكون في ذلك مغالبة له لأنه تعالى لو أراد إلجاءه إلى ما أمره به لقدر عليه.