وهو الأقوى، لأنه تعالى بين حكم الجنب في آخر هذه الآية إذا عدم الماء، فلو حملناه على ذلك لكان تكرارا، وإنما أراد أن يبين حكم الجنب في دخول المساجد في أول الآية، وحكمه إذا أراد الصلاة مع عدم الماء في آخرها.
وقوله: (وإن كنتم مرضى أو على سفر) فالمرض الذي يجوز معه التيمم مرض الجراح، والكسير، وصاحب القروح، إذا خاف من مس الماء في قول ابن مسعود، والضحاك، والسدي، وإبراهيم، ومجاهد وقتادة. وقال الحسن، وابن جبير: هو المرض الذي لا يستطيع معه تناول الماء، ولا يكون هناك من يناوله. وكان الحسن لا يرخص للجريح التيمم، والمروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) جواز التيمم عند جميع ذلك. وقوله: " أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط " يعني الحدث المخصوص، وأصله المطمئن من الأرض، يقال:
غائط وغيطان، والتغوط كناية عن الحدث في الغائط، والغوطة موضع كثير الماء والشجر بدمشق، وقوله: " أو لامستم النساء " قد فسرناه، وعندنا المراد به الجماع. وقوله: " فتيمموا صعيدا طيبا " فالتيمم التعمد، ومثله التأمم قال الأعشى:
تيممت قيسا وكم دونه * من الأرض من مهمه ذي شزن (1) يعني تعمدت، وقال سفيان: معنى تيمموا تعمدوا وتحروا، والصعيد وجه الأرض من غير نبات ولا شجر، في قول ابن زيد قال ذو الرمة:
كأنه بالضحى ترمي الصعيد به * دبابة في عظام الرأس خرطوم (2) ومنه قوله: (فتصبح صعيدا زلقا) (3) فبين أن الصعيد قد يكون زلقا. والصعدات الطرقات، قال الزجاج: لا أعلم خلافا بين أهل اللغة بأن الصعيد وجه الأرض، سواء كان عليه تراب أو لم يكن، وهذا يدل على ما نقوله من أن التيمم يجوز بالحجارة سواء كان عليها تراب أو لم يكن (وطيبا) أي طاهرا،