بما يصيرون إليه من العذاب والخلود في النار - أنهم لن يبعثوا أو أنهم كانوا والأرض سواء. وروي في التفسير أن البهائم يوم القيامة تصير ترابا، فيتمنى عند ذلك الكفار أنهم صاروا كذلك ترابا، وهذا لا يجيزه إلا من قال: إن العوض منقطع، فأما من قال: هو دائم لم يصحح هذا الخبر. وقوله: " وعصوا الرسول " ضموا الواو لأنها واو الجمع، وحركت لالتقاء الساكنين. وقوله: " لو استطعنا " كسرت على أصل الحركة، لالتقاء الساكنين. وإنما وجب لواو الجمع الضم لأنها لما منعت ما لها من ضم ما قبلها، جعلت الضمة عند الحاجة إلى حركتها فيها. والعامل في " يومئذ " (يود الذين) وإنما عمل في (يومئذ) ما بعد (إذا) ولم يجز مثل ذلك في (إذا جئنا من كل أمة) لأنه لما أضيف (يوم) إلى (إذ) بطلت إضافته إلى الجملة، وجاء التنوين ليدل على تمام الاسم. يبين ذلك قوله: (من عذاب يومئذ ببنيه) (1).
وقوله: (ولا يكتمون الله حديثا) لا ينافي قوله: (والله ربنا ما كنا مشركين) (2) لأنه قيل في معنى الآية سبعة أقوال:
أحدها - قال الحسن إن الآخرة مواطن، فموطن (لا تسمع إلا همسا) (3) أي صوتا خفيا، وموطن يكذبون فيقولون: (ما كنا نعمل من سوء) (4) (والله ربنا ما كنا مشركين) وموطن يعترفون بالخطأ بأن يسألوا الله أن يردهم إلى دار الدنيا.
الثاني - قال ابن عباس: إن قوله: (ولا يكتمون الله حديثا) داخل في التمني بعد ما نطقت جوارحهم بفضيحتهم، فكأنهم لما رأوا المؤمنين دخلوا الجنة كتموا فقالوا: (والله ربنا ما كنا مشركين) فختم الله أفواههم، وأنطق جوارحهم بما فعلوه، فحينئذ تمنوا أن يكونوا (تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) فتمنوا الامرين وقال الفراء: تقديره: (يومئذ يود الذين كفروا