قول الحسن ومجاهد وقتادة وعطا والسدي وابن زيد وعبد الله بن كثير وأبي وابل. وهي على وزن (فعيلة) من قولهم توسلت إليك أي تقربت قال عنترة ابن شداد:
إن الرجال لهم إليك وسيلة * أن يأخذوك فلجلجي وتخضبي وقال الآخر:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا * وعاد التصافي بيننا والوسائل يقال منه سلت أسال أي طلبت وهما يتساولان أي يطلب كل واحد منهما من صاحبه. والأصل الطلب والوسيلة التي ينبغي أن يطلب مثلها.
فان قيل كيف قال تعالى " اتقوا الله " وهو غاية التحذير مع أنه تعالى رغب في الدعاء إليه وهما كالمتنافرين؟ قيل إنما قال ذلك لئلا يكون المكلف على غرور من أمره بكثرة نعم الله عليه فيظن أنها موجبة للرضاء عنه فحقيقة.
الدعاء إليه باتقائه من جهة اجتناب معاصيه والعمل بطاعته. فان قيل هل يجوز أن يتقى المعاقب من أجل عقابه كما يحمد المحسن من أجل إحسانه.
قلنا: لا لان أصل الاتقاء الحجز بين الشيئين لئلا يصل أحدهما إلى الاخر من قولهم اتقاه بالترس. ومنه اتقاه بحقه، فالطاعة له تعالى حاجزة بين العقاب وبين العبد أن يصل إليه. وأما حمد الانسان، فمجاز لان المحمود في الحقيقة يستحق الولاية والكرامة.
وقوله: " وجاهدوا في سبيله " أمر منه تعالى بالجهاد في دين الله، لأنه وصلة وطريق إلى ثوابه. ويقال لكل شئ وسيلة إلى غيره هو طريق إليه فمن ذلك طاعة الله فهي طريق إلى ثوابه. والدليل على الشئ طريق إلى العلم به والتعرض للشئ طريق إلى الوقوع فيه واللطف طريق إلى طاعة الله والجهاد