في غرضنا، ونترك أكثره مخافة الإطالة (1) قال:
قالوا: كانت اليمن في أقدم زمانها وأصل نظامها تقسم إلى محافد (جمع محفد) والمحفد إلى قصور، والقصر كالحصن أو القلعة يحيط به سور ويقيم فيه شيخ أو أمير، أو وجيه تحف به الأعوان والحاشية والخدم كما كانت حكومات بابل قديما...
ويعرف صاحب المحفد أو القصر بلفظ ذو أي: صاحب ويضاف إلى اسم المحفد فيقال: ذو غمدان أي: صاحب غمدان، وذو معين أي: صاحب معين، وتعرف هذه الطبقة من الحكام بالأذواء أو الذوين، وكانت هذه المحافد عديدة لكل منها حكومة قائمة بنفسها، وأشهر المحافد أو القصور التي وصلت إلينا أسماؤها غمدان، تلفم، ناعم، ناعط، ضرواح، سلحين، ظفار، شبام، بينون، ديام براقش، روثان، أرياب، عمران وغيرها، وبعض هذه القصور بقي إلى ما بعد الاسلام.
وقد يجتمع عدة محافد، يتولى شؤونها أمير واحد يسمى قيل، جمعه أقيال، ويسمى مجموع المحافد مع ما يلحقها من القرى والمزارع مخلاف، وهو كالكورة أو الرستاق أو القضاء يحكمه قيل أو ملك صغير، وينسب المخلاف إلى أكبر المحافد أو إلى المحفد الذي يقيم فيه القيل أو الملك وقد يتحول القصر أو المحفد إلى مدينة بعد ظهور الدولة، وقد يبدل اسمه كما تحول قصر " ريدان " إلى مدينة ظفار، وسلحين إلى مآرب، ولم يكن لملوك اليمن نظام، وإنما كان الرئيس منهم يكون ملكا على مخلاف لا يتجاوزه.
وقد ينبغ بين الأقيال أو الذوين رجل ذو مطامع، وأهل للسيادة العامة، فيمد سلطته على جيرانه، ويسمي نفسه ملكا، وينظم مملكة يجعل محفده قصبتها،