الناس حتى يأتي رئيسهم فيقول: لقد رأيت ليلتي هذه رؤيا عجيبة، وإني منها خائف، وقلبي منها وجل.
فيقول له: اقصصي رؤياك فيقول: رأيت كبة نار انقضت من عنان السماء (1)، فلم تزل تهوى حتى انحطت على الكعبة فدارت فيها (2) فإذا هي جراد ذوات أجنحة خضر كالملاحف، فأطافت بالكعبة ما شاء الله ثم تطايرت شرقا وغربا، لا تمر ببلد إلا أحرقته، ولا بحصن إلا حطته (3)، فاستيقظت وأنا مذعور القلب وجل، فيقولون لقد رأيت هؤلاء، فانطلق بنا إلى الأقرع (4) ليعبرها وهو رجل من ثقيف فيقص عليه الرؤيا، فيقول الأقرع لقد رأيت عجبا، ولقد طرقكم في ليلتكم جند من جنود الله لا قوة لكم بهم.
فيقولون لقد رأينا في يومنا هذا عجبا ويحدثونه بأمر القوم.
ثم ينهضون من عنده يهمون بالوثوب عليهم وقد ملأ الله قلوبهم منهم رعبا وخوفا، فيقول بعضهم لبعض وهم يتآمرون بذلك: يا قوم لا تعجلوا على القوم إنهم لم يأتوكم بعد بمنكر ولا أظهروا خلافا، ولعل الرجل (5) منهم يكون في القبيلة من قبائلكم، فإن بدا لكم منهم شر فأنتم حينئذ وهم، وأما القوم فإنا نراهم متنسكين، وسيماهم حسنة، وهم في حرم الله تعالى الذي لا يباح من دخله حتى يحدث به حدثا، ولم يحدث القوم حدثا يوجب محاربتهم.