فيقول المخزومي وهو رئيس القوم وعميدهم: إنا لا نأمن أن يكون وراءهم مادة لهم، فإذا التأمت إليهم كشف أمرهم وعظم شأنهم فنهضموهم (1) وهم في قلة من العدد وغربة في البلد قبل أن تأتيهم المادة، فإن هؤلاء لم يأتوكم مكة إلا وسيكون لهم شأن، وما أحسب تأويل رؤيا صاحبكم إلا حقا، فخلوا لهم بلدكم وأجيلوا الرأي والأمر ممكن.
فيقول قائلهم: إن كان من يأتيهم أمثالهم فلا خوف عليكم منهم، فإنه لا سلاح للقوم ولا كراع، ولا حصن يلجأون إليه، وهم غرباء محتوون، فإن أتى جيش لهم نهضتم إلى هؤلاء أولا (2) وكانوا كشربة الظمآن.
فلا يزالون في هذا الكلام ونحوه حتى يحجز الليل بين الناس ثم يضرب الله على آذانهم وعيونهم بالنوم فلا يجتمعون بعد فراقهم إلى أن يقوم القائم (عليه السلام)، وإن أصحاب القائم (عليه السلام) يلقى بعضهم بعضا كأنهم بنو أب وأم، وإن افترقوا عشاء التقوا غدوة (3) وذلك تأويل هذه الآية * (فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا) *.
قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟
قال: بلى، ولكن هذه [العدة] التي يخرج الله فيها القائم (عليه السلام) هم النجباء والقضاة والحكام والفقهاء في الدين يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم.
أقول: رواه السيد هاشم البحراني في كتابه " المحجة فيما نزل في القائم الحجة " (عليه السلام): 28 عن دلائل الإمامة.