مقال عيسى (عليه السلام) في قومه من بني إسرائيل، ويجاهد الكفار، فمن أطاعه وآمن به وبما جاء به كان مؤمنا، ومن جحده وعصاه كان كافرا حتى استخلص ربنا تبارك وتعالى وبعث في عباده نبيا من الصالحين وهو يحيى بن زكريا.
ثم قبض شمعون، وملك عند ذلك اردشير بن بابكان أربع عشرة سنة وعشرة أشهر، وفي ثماني سنين من ملكه قتلت اليهود يحيى بن زكريا (عليهما السلام)، فلما أراد الله عز وجل أن يقبضه أوحى إليه أن يجعل الوصية في ولد شمعون، ويأمر الحواريين وأصحاب عيسى بالقيام معه، ففعل ذلك، وعندها ملك سابور بن أردشير ثلاثين سنة حتى قتله الله، وعلم الله ونوره وتفصيل حكمته في ذرية يعقوب بن شمعون ومعه الحواريين من أصحاب عيسى (عليه السلام)، وعند ذلك ملك بختنصر مائة سنة وسبعا وثمانين سنة، وقتل من اليهود سبعين ألف مقاتل على دم يحيى بن زكريا، وخرب بيت المقدس، وتفرقت اليهود في البلدان.
وفي سبع وأربعين سنة من ملكه بعث الله عز وجل العزير نبيا إلى أهل القرى التي أمات الله عز وجل أهلها ثم بعثهم له، وكانوا من قرى شتى، فهربوا فرقا من الموت، فنزلوا في جوار عزير، وكانوا مؤمنين، وكان عزير يختلف إليهم ويسمع كلامهم وإيمانهم وأحبهم على ذلك، وواخاهم عليه، فغاب عنهم يوما واحدا ثم أتاهم فوجدهم صرعى موتى فحزن عليهم وقال: * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) * (1) تعجبا منه حيث أصابهم وقد ماتوا أجمعين في يوم واحد، فأماته الله عز وجل عند ذلك مائة عام، فلبث فيهم مائة سنة، ثم بعثه الله وإياهم وكانوا مائة ألف مقاتل، ثم قتلهم الله أجمعين، لم يفلت منهم أحد على يدي بختنصر، وملك بعده مهرقيه بن بختنصر ست عشرة سنة وعشرين يوما، وأخذ عند ذلك دانيال وحفر له جبا في الأرض، وطرح فيه دانيال (عليه السلام) وأصحابه وشيعته من المؤمنين، فألقى