البيت الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا، فوضع الله البيت المعمور توبة لأهل السماء، ووضع الكعبة توبة لأهل الأرض، فقال الله تبارك وتعالى: * (إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) * قال: وكان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم، قال: فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات - وكلتا يديه يمين - فصلصلها في كفه حتى جمدت، فقال لها: منك أخلق النبيين والمرسلين، وعبادي الصالحين، والأئمة المهتدين والدعاة إلى الجنة، وأتباعهم إلى يوم القيامة، ولا أبالي، ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون.
ثم اغترف غرفة من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها:
منك أخلق الجبارين، والفراعنة، والعتاة، وإخوان الشياطين، والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة، وأشياعهم، ولا أبالي، ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون، قال: وشرط في ذلك البداء فيهم، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء.
ثم خلط المائين جميعا في كفه فصلصلها، ثم كفأهما قدام عرشه وهما سلالة من طين، ثم أمر الملائكة الأربعة: الشمال والجنوب والصبا والدبور أن يجولوا على هذه السلالة الطين فأبدوها وأنشؤوها، ثم أبروها، وجزوها، وفصلوها، وأجروا فيها الطبايع الأربعة: الريح والدم والمرة والبلغم، فجالت الملائكة عليها وهي الشمال والجنوب والصبا والدبور، وأجروا فيها الطبايع الأربعة، فالريح من الطبايع الأربعة من البدن من ناحية الشمال، والبلغم في الطبايع الأربعة من ناحية الصبا، والمرة في الطبايع الأربعة من ناحية الدبور، والدم في الطبايع الأربعة من ناحية الجنوب.
قال: فاستقلت النسمة، وكمل البدن، فلزمه من ناحية الريح حب النساء وطول الأمل والحرص، ولزمه من ناحية البلغم حب الطعام والشراب والبر