ولا يجب القصر هنا بنفس القصد ولا بغيبوبة الجدران وخفاء الأذان، بل بنفس الشروع وإن شاهد الجدران أو سمع الأذان، لو كان عند تغير المقصد (١).
البحث الثاني (الضرب في الأرض) ولا يكفي في القصر قصد المسافة دون الضرب في الأرض إجماعا لأنه الشرط، لقوله تعالى ﴿وإذا ضربتم في الأرض﴾ (2) فإن مجرد النية لا تجعله مسافرا، ولكنه تعالى ربط القصر بالضرب في الأرض لا بقصده.
بخلاف ما لو نوى المسافر الإقامة في موضع، فإنه يصير مقيما، لأن الأصل الإقامة والسفر عارض، فيجوز العود إلى الأصل بمجرد القصد. ولا يكفي في العود من الأصل إلى العارض، كمال القنية لا يصير مال تجارة بالنية، ومال التجارة تصير مال قنية بها.
ولا يشترط انتهاء المسافة إجماعا، لتعلق القصر بالضرب، وهو يصدق في أوله. ولا اختلاف الوقت إجماعا، فلو خرج نهارا قصر وإن لم يدخل الليل وبالعكس، لوجود الشرط بدونه.
بل الشرط في إباحة القصر في الصلاة والصوم غيبوبة جدران البلد وخفاء أذانه، لأن القصر مشروط بالسفر، ولا يتحقق في بلده ولا مع مشاهدة الجدران، فلا بد من تباعد يطلق على من بلغه اسم السفر.
ولا حد بعد مفارقة المنال سواه، ولأنه عليه السلام كان يقصر على فرسخ من المدينة (3). وقال الصادق عليه السلام: إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر (4).