وكما أن مبدأ القصر ذلك، فكذا هو منتهاه، فلا يزال مقصرا إلى أن يشاهد الجدران أو يسمع الأذان. لقول الصادق عليه السلام: إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك (1).
ولا عبرة بأعلام البلدان، كالمنابر والقباب المرتفعة عن اعتدال البنيان، إحالة للمطلق في اللفظ على المتعارف. والاعتبار بمشاهدة صحيح الحاسة، وسماع صحيح السمع، دون بالغ النهاية فيهما، وفاقد كمال إحداهما.
ولا عبرة بالبساتين والمزارع، فيجوز القصر قبل مفارقتها مع خفاء الجدران والأذان، لأنها لم تبن للسكنى. ولا فرق بين أن تكون محوطة أو لا، إلا أن تكون فيها دور وقصور للسكنى في طوال السنة أو في بعض فصولها. ولا فرق بين البلد والقرية في ذلك.
ولو كان لبلده سور، فلا بد من خفائه وإن كان داخله مزارع أو مواضع خربة، لأن جميع ما في داخل السور معدود من نفس البلد ومحسوب من موضع الإقامة. ولو كان خارج السور دور متلاصقة، لم يعتد بها لصدق هذه الدور خارج البلد. ولو جمع سور قرى متفاصلة، لم يشترط في المسافر من إحداهما مجاوزة ذلك السور، بل خفاء جدار قريته وأذانها، إلا أن يشملها مع الباقي اسم البلدة.
والخراب الذي بين العمارات معدود من البلد، كالنهر الحائل بين جانبي البلد، فلا يترخص بالعبور من أحد الجانبين إلى الآخر. ولو كانت البلدة خربة لا عمارة فرآها، لم يعتد به، لأن الخراب ليس موضع إقامة.
ولو سكن في الصحراء أو واد، لم يشترط قطعه، بل خفاء الأذان.
ولو كانت البلدة على موضع مرتفع، اشترط خفاء الآذان دون خفاء الجدران. وكذا لو كانت في موضع منخفض أو كان ساكنا في الخيام. ويحتمل خفاء الجدران المقدر.