المقام، فالعمدة هو الوجه الأول أي انتفاء شئ مما هو داخل في قوامه، فلا بد وأن ينظر ويلاحظ هل عدم جواز البيع من مقومات حقيقة الوقف وماهيته كي يبطل بجواز البيع، أو من بعض آثاره وأحكامه كي لا يكون ارتفاعه وجوازه موجبا لبطلانه، إذا جاء دليل من نص أو إجماع على جواز بيعه عند عروض بعض العوارض؟
إذا عرفت هذا فنقول: قد تقدم أن الوقف عبارة عن الايقاف وحبسه عن التقلبات الاعتبارية كبيعه وهبته والصلح عليه وغير ذلك، ومقتضى هذا التعريف أن عدم جواز البيع كسائر التبدلات الاعتبارية داخل في حقيقة البيع وفي قوام ذاته، أو لا أقل من مقتضيات ذاته، فلا بد من القول ببطلانه عند جوازه.
اللهم إلا أن يقال: إن حقيقة الوقف وإن كان هو الحبس عن التقلبات في عالم الاعتبار التشريعي ولكن لا مطلقا، بل ما لم يعرض عليه أحد موجبات جواز بيعه، وإلا ففي صورة حدوث أحد تلك الموجبات لجواز بيعه يجوز بيعه، مع أنه وقف. نعم بوقوع البيع خارجا لا يبقى موضوع للوقف، فيرتفع قهرا. وهذا أيضا يظهر من ظاهر عبارتهم أنه يجوز بيع الوقف في مورد كذا وكذا، فإن ظاهرها أن البيع يرد على الوقف.
وعلى كل حال قالوا بجواز بيع الوقف في موارد وصور:
الأول: أن يخرب الوقف بحيث يسقط عن المنفعة بالمرة، بمعنى أنه لا يمكن انتفاع الموقوف عليهم به مع بقاء عينه.
ووجه جواز البيع في هذه الصورة هو أن حبس العين عن البيع وعن سائر التقلبات كان لأجل أن ينتفع الموقوف عليهم به، وهذه الغاية هو المراد والمقصود الأصلي من إنشاء الوقف، فإن لم يمكن الانتفاع به أصلا فيكون الايقاف لغوا.
ولذلك قلنا من شرائط صحة الوقف أن يكون الموقوف ذا منفعة محللة قابلة