العارية، خلافا للمحقق المقدس الأردبيلي (1) وجمال المحققين (2) (قدهم) فإنهما قالا بصحته في الإجارة أيضا، وفصل شيخنا الأستاذ (قده) بين الإجارة الواقعة على الأعيان والأموال وبين الإجارة الواقعة على الأعمال، فقال: في الأول بعدم صحة شرط الضمان كما ذهب إليه المشهور وفي الثاني - أي الإجارة على الأعمال - بالصحة.
والتحقيق هو ان الإجارة مطلقا - سواء أكان إجارة الأعيان أو كان في إجارة الأعمال - تسليم العين إلى المستأجر في الأول والى الأجير في الثاني كما إذا أعطى وسلم ثوبه إلى الخياط مثلا حيث إنها أمانة مالكية بيد المستأجر في الأول وبيد الأجير في الثاني، فتلفه لا يوجب الضمان إلا مع التعدي والتفريط، وقد شرحنا المسألة مفصلا في إحدى قواعد هذا الكتاب (3).
ولكن عدم اقتضاء الأمانة المالكية للضمان غير اقتضائه عدم الضمان، والإجارة مع العارية مشتركان في كونهما أمانة مالكية.
وما ذكره شيخنا الأستاذ (قده) في وجه التفصيل - وعدم صحة اشتراط الضمان في إجارة الأعيان من استحقاق المستأجر على المؤجر كون العين المستأجرة تحت يده وتصرفه وهذا الاستحقاق من ناحية عقد الإجارة، فان إجارة العين عبارة عن تمليك منفعة العين كسكنى الدار مثلا التي هي صفة في العين، فتسليم هذا الملك إلى مالكه - حيث إنه ليس له وجود استقلالي - يكون بتسليم العين، فالمستأجر يستحق تسلم العين لاستحقاقه تسلم المنفعة التي هي ملكه ووجود المنفعة مندك في وجود العين، كما هو الحال في كل صفة مع موصوفه، فاستحقاقه للمنفعة بعقد الإجارة عين استحقاقه لتسلم العين بعقد الإجارة، فلم يأخذ المستأجر إلا ما يستحق، وهذا الاستحقاق ليس مجانا بل بالعوض المسمى أي: ما جعل في العقد عوضا لتمليك المنفعة