وكذلك الامر في كل ما يشترط صحته بالقبض والاقباض، كبيع الصرف والسلم، ففي جميع هذه الموارد وما يشبهها لا تسمع الدعوى لأنه على تقدير ثبوت ما يدعيه واقعا، أو في مقام الظاهر بحسب الدليل والحجة لا يكون من قبل دعواه الزام على الخصم ولا يستحق مطالبة شئ عنه، فيكون سماع مثل هذه الدعوى ومطالبة البينة عن المدعي لغوا وبلا فائدة.
إذا عرفت هذا فاعلم أن جملة من هذه الأمور التي سنذكر اعتبارها في سماع الدعوى مبني على هذا الأساس.
فمنها: كونه واجدا لشرائط التكليف، مثل البلوغ والعقل، وقد ادعى بعضهم عليه الاجماع ونفى الخلاف بعض آخر، فلا تسمع دعوى المجنون ولا الصبي وإن كان مراهقا مميزا وبلغ من العقل والعلم ما بلغ لوجوه:
الأول: الأدلة الدالة على عدم اعتبار كلامه وانه مسلوب العبارة، وللأدلة الدالة على رفع القلم عنه وعدم جواز امره.
وفيه: ان المراد من تلك الأدلة عدم الاعتبار بكلامه وعدم جواز امره في المعاملات مستقلا، وعدم نفوذ تصرفاته في أمواله فيما إذا لم تكن بإذن الولي، لما ورد من قبول قوله وترتيب الأثر في بعض المقامات والموارد كباب الوصية إذا بلغ عشرا، ولما اخترناه من شرعية عباداته.
وأما أدلة رفع القلم قلنا في محله ان المراد قلم الالزام أي: الوجوب والحرمة، وهذا من جهة الارفاق به.
وأما ادعاء الاجماع فممنوع صغرى وكبرى.
أما الصغرى فلذهاب جماعة إلى سماع دعوى الصبي المميز المراهق في غير الماليات، كما إذا ادعى جناية عليه، أو أخذ شئ منه قهرا وبالقوة وله شهود على ذلك.