وفيه: انه صلى الله عليه وآله عين وظيفة لكل واحد من المدعى والمنكر في مقام المخاصمة، فإذا جاء الدليل في مورد - أو في قسم من اقسام المدعي - انه يسمع قوله من دون ان يطالب بالبينة - فلا بد وأن يكون هذا التخصيص لجهة ونكتة، فالقضاء تجرى إما بالحكم له من دون اليمين أو بتوجه الامر إلى الطرف الآخر، فان حلف فلا شئ عليه ويحكم له، وان رد اليمين أو نكل تجرى أحكام الرد والنكول.
اللهم الا أن يقال: معنى سماع الدعوى بدون مطالبة البينة هو انه يحكم للمدعى بمحض دعواه، والحكم لا يمكن بدون أحد الميزانين أي: البينة أو اليمين لقوله صلى الله عليه وآله:
(إنما اقضي بينكم بالبينات والايمان) (1) بناء على حصر ميزان الحكم في هذين الميزانين، وعدم تحققه بدون أحدهما، وحيث إن البينة لا تطلب منه فلا بد وأن يكون باليمين.
ولكن هذا مرجعه إلى الوجه الأول الذي ذكرناه وليس وجها اخر، وهو الوجه الوجيه ومبناه على استفادة الحصر - في ما هو ميزان القضاء بهذين وعدم صدور الحكم بدون أحدهما - من قوله صلى الله عليه وآله -: (إنما اقضي بينكم بالبينات والايمان). وقد تقدم جميع ذلك.
الجهة الثالثة في بيان موارد هذه القاعدة وصغرياتها أي: الموارد التي يسمع دعوى المدعى فيها بدون أن يكون عليه بينة وبيان وجه سماع دعواه.
فنقول: أما مواردها وصغرياتها فكثيرة جدا، ولكن هذه الموارد الكثيرة ليست