ومنها: أن يكون ما يدعيه مما يصح تملكه شرعا، فلا تسمع دعوى من يدعي على خصمه كذا مقدار من الخمر، أو عدد كذا من الخنزير ولو كانت الدعوى على كافر، ولكن هذا فيما إذا كان محط الدعوى هي ملكية أحدهما، وأما لو كان محط الدعوى هو حق الاختصاص للانتفاعات المحللة المباحة - مثلا الخمر الذي في يد كافر أو مسلم يدعي ان له حق الاختصاص به لان يخلله أو ينتفع به منفعة محللة أخرى - فلا وجه لعدم سماع مثل هذه الدعوى.
ومنها: أن يكون ما يدعيه أمرا ممكنا عقلا وعادة وجائزا شرعا، فلو ادعى انه سرق هذا مني قبل أربعين سنة الشئ الفلاني وعمره أقل من عشرين سنة مثلا، أو ادعى انه مديون لي بمبلغ فلان واستقرض مني والمبلغ كثير والمدعي فقير بحيث انه غير ممكن عادة اقراض هذا المبلغ الكثير، أو يدعي عليه مبلغا من باب الربا أو القمار مما لا يجوز شرعا ولا يمكن أن يكون مديونا شرعا من تلك الجهة - ففي جميع هذه الموارد وما يماثلها لا تسمع الدعوى، لان حقيقة الدعوى عبارة: عن ادعاء ثبوت أمر - من مال أو حق - على من هو خصمه، وفي هذه الموارد يكون مثل هذه الدعوى باطلا لعدم امكان ثبوته إما عقلا أو عادة أو شرعا.
ومنها: أن يكون ما يدعيه معلوما بالنوع والوصف والقدر، وأما لو كان مجهولا من هذه الجهة فلا فائدة ولا ثمرة لمثل هذه الدعوى.
فلو ادعى ان لي عليه مالا أو ثوبا أو فرسا فلا تسمع، وعللوا عدم سماع الدعوى بأنه لو اعترف المدعي عليه لا يثبت عليه شيئا لان المجهول لا يثبت - بما هو مجهول، لا في الخارج ولا في عالم الاعتبار.
وفيه: انه لو اعترف المدعي عليه بذلك المجهول أو أقام البينة عليه يلزم بالتفسير والتعيين نوعا ووصفا وقدرا، كما أنه لو أقر ابتداء من دون سبق دعوى بالتفسير، فان قبل المقر له فهو والا يحلف المقر على نفي الزائد، فليكن الامر فيما نحن فيه أيضا