الجهة الثانية في مدرك هذه القاعدة وهو أمور:
الأول: الاجماع من جميع الفقهاء على أن العقود تابعة للقصود حتى أنهم يجعلونها كبرى كلية مفروغا عنها في مقام الاستدلال على اعتبار القصد في العقود وانها لا تقع الا على نحو ما قصد، ولذلك قلنا في المعاطاة كيف يمكن أن تكون مفيدة للإباحة المجردة عن الملكية مع أن الإباحة المجردة ليست مما قصدها المتعاملان، والذي قصدا بالتعاطي الخارجي هي الملكية، فلا بد إما من كونها مفيدة للملكية - ان أمضاها الشارع - وإما من بطلانها وعدم إفادتها شيئا لا الملكية ولا الإباحة لعدم امضائه لها.
وخلاصة الكلام ان هذه الجملة كبرى كلية مسلمة عندهم بحيث لا ينكرها أحد منهم، وهذا الاتفاق والمسلمية عندهم من غير نكير من أحد منهم يكون دليلا قطعيا على تلقيهم هذه القضية من الإمام (ع).
ولكن أنت خبير بان هذه القضية ليست تعبدية، بل حكم وجداني عقلي وهو ان العقود والعهود تابعة لقصد المتعاقدين والمتعاهدين بعد الفراغ عن تشريع ذلك العقد وإلا لو لم يكن ممضي من قبل الشارع الأقدس لا توجد نتيجة ذلك العقد والمعاهدة في عالم التشريع، سواء قصدا أو لم يقصدا، فالقصد يؤثر في وجود ما قصد بعد كون تلك المعاملة مشروعة من قبل الشارع الأقدس، والا فالمعاملات الفاسدة في نظر الشارع الأقدس لا اثر للقصد وعدمه فيها لعدم كونها مؤثرة على كل حال.
وخلاصة الكلام ان ادعاء الاجماع التعبدي في مثل هذه المسألة الوجدانية لا يخلو عن غرابة.
الثاني: ان مقتضى الأصل الأولي هو عدم ترتب الأثر على كل عقد وعهد