وإذا كان تداخل المسببات بهذا المعنى فايجاد المسبب ثانيا بعنوان الوجوب والامتثال يكون تشريعا محرما، لأن المفروض في المثال ان الحدث إذا كان هو الأصغر ارتفع بالوضوء الواحد، وإذا كان هو الأكبر ارتفع بالغسل الواحد فيكون الوضوء أو الغسل الثانيين بعنوان امتثال الامر تشريعا محرما، كما في تداخل الأسباب بلا فرق بينهما أصلا.
وإذا كان مرجع تداخل المسببات إلى تداخل الأسباب فالامر أوضح لأنه ليس هناك أصلان كي يفرق بين ثمرتيهما، بل هناك أصل واحد وهو أصالة عدم تداخل الأسباب، وثمرتها معلومة وقد بيناها، ولو قلنا بعدم تداخل الأسباب ولا المسببات فيجب ان يأتي بالمسبب بعدد الأسباب وهذا واضح جدا، فلو جامع مرارا أو أكل كذلك فعليه الكفارات بعدد الجماع أو الاكل.
الجهة الثانية في بيان الأدلة التي أقاموها على هذه القاعدة، وبيان ما هو الصحيح منها وما ليس بصحيح منها وقبل الشروع في ذكر الأدلة نقدم أمورا:
الأول: لو وصلت النوبة إلى الشك، أي: لم نجد دليلا لا على أن الأصل يقتضي عدم تداخل الأسباب والمسببات ولا على أنه يقتضي تداخلها فما حكمه؟
فنقول: أما الشك في تداخل الأسباب فمرجعه إلى الشك في التكليف، فيكون مجرى البراءة.
بيانه: لو شككنا في أن الأسباب المتعددة للكفارة سواء أكانت من سنخ واحد أو من أسناخ متعددة هل يقتضي تعدد الكفارة أم لا؟ فمعناه انه يشك في وجوب كفارة