منها: ان الأمين مطلقا - سواء أكانت أمانته شرعية أو مالكية - إذا ادعى التلف لما في يده ليس عليه البينة، بل يقبل قوله وليس عليه إلا اليمين إذا ادعى عليه الاتلاف، ويكون مخصصا لقاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر بالنسبة إلى جملتها الأولى.
وفيه: انه قد تقدم في الجزء الثاني من هذا الكتاب في شرح قاعدة عدم ضمان الأمين (1) نفى ضمان اليد عن الأمين مطلقا سواء أكانت الأمانة شرعية أو مالكية، لان يده يد المأذون من قبل المالك أو من قبل الشارع فالتلف في يده لا يوجب الضمان إلا مع التعدي والتفريط، أو يكون اتلافا من قبل ذي اليد من دون اذن المالك في الاتلاف، فالموجب لضمان الأمين أحد الامرين: أما اتلافه لما في يده أو التعدي والتفريط منه، والأصل عدمهما، فلا بد للمالك المدعي لضمانه من اثبات أحد الامرين، فيكون المالك مدعيا للضمان والأمين منكر.
وان شئت قلت إن المالك يدعى أحد الامرين: إما التعدي والتفريط وإما الاتلاف فعليه البينة على ذلك، وان لم يكن له بينة فله ان يحلف الأمين المنكر على عدم صدور كلا الامرين منه على قول، وعلى القول الآخر لا شئ على الأمين إلا أن يقيم المالك البينة على صدور أحد الامرين منه، فلا تخصيص في هذا المورد لكلتا الجملتين، بل الحكم في الأمين على طبق كلتاهما.
ومنها: دعوى الودعي رد الوديعة إلى مالكها مع انكار المالك، فالمشهور قائلون بقبول قوله من غير أن تكون عليه البينة، مع أنهم لا يقولون بذلك في سائر الأمانات المالكية، وإذا ادعى المستعير رد ما استعاره لا يقبل قوله بدون البينة، وكذلك المستأجر لو ادعى رد ما استأجره، أو المرتهن ادعى رد العين المرهونة، أو الوكيل لو ادعى رد ما وكل في بيعه مثلا، لا تقبل دعوى جميعهم إلا بالبينة، فيكون قبول قول الودعي بدون