وعدم السبيل عليهم، كقوله (ع) في رواية قرب الإسناد: (ليس لك ان تتهم من قد ائتمنته) (1) وقوله تعالى: (ما على المحسنين من سبيل) (2).
ولا شك في أن تكليف الأمين باليمين اتهام له، وأيضا تكليف المحسن باليمين سبيل عليه، وهما منفيان بحكم الآية والرواية.
أقول: هذا الكلام بالنسبة إلى المحسن في محله، وأما بالنسبة إلى الأمين فليس معنى عدم الاتهام الا عدم استناد الخيانة والتعدي والتفريط إليه، فيرجع إلى عدم انشاء الدعوى عليه. والرواية بهذا المعنى لم يعمل بها قطعا لأنه لا شك في صحة دعوى الاتلاف أو التعدي والتفريط على الأمين، فهذا حكم أخلاقي معناه: لا تأتمن الرجل الخائن، وان إئتمنت أحدا فلا تظن به السوء ولا تتهمه.
وأما القطع بخيانته وتعديه وتفريطه فقطعا يجوز الدعوى معه، غاية الأمر لو ادعى التلف يقبل قوله أي: لا يطالب بالبينة، ولكن اليمين عليه لما ذكرنا.
هذا مضافا إلى أن دعوى الاتلاف من طرف المالك مع انكار الأمين - يجعل الأمين منكرا، فيكون الحلف عليه اجماعا ونصا مستفيضا، بل متواترا، وليس من طرف الأمين الا الانكار، فيكون خارجا عن محل بحثنا، لان محل كلامنا في المدعي الذي يسمع قوله، وأما كون اليمين على المنكر فمن ضروريات الفقه.
والحاصل ان يد الأمين ليست يد ضمان، لأنها يد مأذونة إما من قبل مالكه وإما من قبل الشرع، فالتلف في يده لا يوجب الضمان الا مع التعدي والتفريط، أو اتلاف الأمين له، فصاحب المال إن كان يطلب الضمان فلا بد له من ادعاء أحد هذه الأمور أي الاتلاف أو التعدي والتفريط، فيكون الأمين منكرا والحال في المحسن أيضا كذلك.
الخامس: ان المدعى إن كان له شاهد واحد عادل على ما يدعيه فلا يحكم له