وأما إن كان قابلا للتعدد أو التأكد وإن كان تعدده باعتبار إضافة إلى أسبابه، كما قلنا في الخيار، فهذا البحث وإن كان يأتي ولكن عند الشك وعدم وجود دليل على التداخل ولا على عدمه فالاستصحاب لا يجري فيما هو قابل للتعدد، لما ذكرنا في الخيار.
وأما فيما هو قابل للتأكد دون التعدد فعدم فرد اخر مقطوع فلا مجرى للاستصحاب. وأما بالنسبة إلى احتمال بقاء مرتبة منه بعد القطع بزوال مرتبة منه - كما أنه لو غسل مرة ما تنجس بالدم أولا ثم لاقى البول أيضا، فاحتملنا بقاء مرتبة من النجاسة بعد زوال مرتبة منها يقينا بناء على تأكد النجاسة فيكون الاستصحاب حينئذ من القسم الثالث من استصحاب الكلي، ولا يجري الا فيما إذا كانت وحدة القضية المشكوكة مع المتيقنة محفوظة عرفا، والمسألة مشروحة على التفصيل في كتابنا " منتهى الأصول " (1) وان شئت فراجع.
ثم إن ما ذكرنا بالنسبة إلى النجاسة من التأكد وزوال مرتبة منها يقينا واحتمال بقاء مرتبة منه صرف فرض ومن باب المثال، والا فلا واقعية له.
نعم لو كانت لهذه المسببات التي من الوضعيات اثار تكليفية كوجوب الغسل - بالضم - أو الغسل - بالفتح - وكان الشك فيه وانه مرة أو مرتين؟ فالمرجع وإن كان هي البراءة من حيث التكليف ولكن لا مانع من استصحاب نفس الوضع، وذلك كما إذا شك في أن النجاسة الحاصلة من ملاقاة البول هل يزول بالغسل مرة أم لا؟
فاستصحاب النجاسة لا مانع منه، ومعلوم حكومة هذا الاستصحاب على البراءة عن وجوب الغسل مرة أخرى.
الثاني: في أن هذا البحث والنزاع هل يأتي في الأسباب والعلل التكوينية بالنسبة إلى مسبباتها أو يختص بالأسباب والمسببات الشرعية؟