ثم اعلم أن هذا ذكره الشارح مجاراة لصاحب الدرر والبزازية، وإلا فسيذكر خلافه ويأتي تحقيقه. قوله: (مطلقا) أ سواء جاء تائبا بنفسه أو شهد عليه بذلك. بحر. قوله: (لأنه حق عبد (1)) فيه أن حق العبد لا يسقط إذا طالب به كحد القذف، فلا بد هنا من دليل يدل على أن الحاكم له هذه المطالبة ولم يثبت، وإنما الثابت أنه (ص) عفا عن كثيرين ممن آذوه وشتموه قبل إسلامهم، كأبي سفيان وغيره. قوله: (وتمامه في الدرر) حيث قال نقلا عن البزازية. وقال ابن سحنون المالكي: أجمع المسلمون أن شاتمه كافر، وحكمه القتل، ومن شك في عذابه وكفره:
كفر اه.
قلت: وهذه العبارة مذكورة في الشفاء للقاضي عياض المالكي، نقلها عنه البزازي وأخطأ في فهمها، لان المراد بها ما قبل التوبة، وإلا لزم تكفير كثير من الأئمة المجتهدين القائلين بقبول توبته وسقوط القتل بها عنه. على أن من قال يقتل وإن تاب يقول: إنه إذا تاب لا يعذب في الآخرة كما صرحوا به، وقدمناه آنفا فعلم أن المراد ما قلناه قطعا. قوله: (والديك ووالدي الذين خلفوك) بكسر الدال على لفظ الجمع فيهما أو في أحدهما. قوله: (فيعم حضرة الرسالة) أي صاحبها (ص)، وعليه لا يختص الحكم بالشريف بل غيره مثله، لان آدم عليه السلام أبو جميع الناس ونوح الأب الثاني. قوله:
(باحتمال العهد) المفهوم من العبارة السابقة أنهما يقولان بأنه لا يعم وإن لم يتحقق عهد. قوله: (فلا كفر) أي لوجود الخلاف في عمومه وتحقق الاحتمال فيه. قوله: (لكن صرح في آخر الشفاء الخ) هذا استدراك على ما في فتاوى المصنف. وعبارة الشفاء هكذا: قال أبو بكر بن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي (ص) يقتل، وممن قال ذلك مالك بن أنس والليث وأحمد وإسحاق، وهو مذهب الشافعي، وهو مقتضى قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه، ولا تقبل توبته عند هؤلاء، وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي في المسلم، لكنهم قالوا: هي ردة. وروى مثله الوليد بن مسلم عن مالك: وروى الطبراني مثله عن أبي حنيفة وأصحابه فيمن ينقصه (ص) أو برئ منه أو كذبه اه.