وموجبه، لان موجب الكفر القتل إن لم يتب وهو المتفق عليه، ولا يلزم منه القتل أيضا إن تاب على أنه له موجبات أخر من فسخ النكاح وحبط العمل وغير ذلك، فلا يكون قول الحنفي حكمت بموجبه حكما بقتله، وإن تاب فللشافعي أن يحكم بعدم قتله إذا تاب.
والعجب من الشارح حيث نقل صريح ما في كتب المذهب من أن الحنفي كالشافعي في قبول توبته كيف جارى صاحب النهر في هذه المسألة، فكان الصواب أن يبدل الحنفي بالمالكي أو الحنبلي. قوله: (سؤالا) مفعول رأيت. وفي بعض النسخ سؤال بالرفع وهو تحريف. قوله:
(فأجاب بأنه يكفر الخ) قال السائحاني: أقول هذا لا يصدر عن أبي السعود، لان كلام القائل يحتمل أن كل الأحاديث الموجودة ليست صدقا لان فيها الموضوع، وهذا الاحتمال أقر أأدخل من غيره. وتقدم عن الدرر: إذا كان في المسألة وجوه توجب الكفر ووجه واحد يمنعه فعلى المفتي الميل لما يمنعه. وقوله: والثاني أي إلحاق الشين يفيد الزندقة.
أقول: لا إفادة فيه، لان الزندقة أن لا يتدين بدين اه. وكتب ط. نحوه قوله: (فبعد أخذ الخ) تفريع على كونه صار زنديقا.
وحاصل كلامه أن الزنديق لو تاب قبل أخذه: أي قبل أن يرفع إلى الحاكم تقبل توبته عندنا، وبعده: لا اتفاق، وورد الامر السلطاني للقضاة بأن ينظروا في حال ذلك الرجل إن ظهر حسن توبته بعمل بقول أبي حنيفة، وإلا فبقول باقي الأئمة، وأنت خبير بأن هذا مبني على ما مشى عليه القاضي عياض من مشهور مذهب مالك وهو عدم قبول توبته، وأن حكمه حكم الزنديق عندهم، وتبعه البزازي كما قدمناه عنه، وكذا تبعه في الفتح، وقد علمت أن صريح مذهبنا خلافه كما صرح به القاضي عياض وغيره. قوله: (وليكن التوفيق) أي يحمل ما مر عن النتف وغيره من أنه يفعل به ما يفعل بالمرتد على ما إذا تاب قبل أخذه، وحمل ما في البزازية على ما بعد أخذه، وأنت خبير بأن هذا التوفيق غير ممكن لتصريح علمائنا بأن حكمه حكم المرتد، ولا شك أن حكم المرتد غير حكم الزنديق، ولم يفصل أحد منهم هذا التفصيل، ولان البزازي ومن تابعه قالوا: إنه لا توبة له أصلا سواء بعد القدرة عليه والشهادة، أو جاء تائبا من قبل نفسه كما هو مذهب المالكية والحنابلة، فعلم أنهما قولان مختلفان، بل مذهبان متباينان. على أن الزنديق الذي لا تقبل توبته بعد الاخذ هو المعروف بالزندقة الداعي إلى زندقتكما يأتي، ومن صدرت منه كلمة الشتم مرة عن غيظ أو نحوه