توبته، كما هو رواية ضعيفة عن مالك، وأن تختم قتله مذهب مالك، وما عداه فإنه إما نقل غير أهل المذهب أو طرة مجهولة لم يعلم كاتبها، فكن على بصيرة في الاحكام، ولا تغتر بكل أمر مستغرب وتغفل عن الصواب، والله تعالى أعلم اه. وكذلك قال الحموي في حاشية الأشباه نقلا عن بعض العلماء: إن ما ذكره صاحب الأشباه من عدم قبول التوبة قد أنكره عليه أهل عصره، وأن ذلك إنما يحفظ لبعض أصحاب مالك، كما نقله القاضي عياض وغيره. أما على طريقتنا فلا اه. وذكر في آخر كتاب نور العين أن العلامة النحرير الشهير ب حسام جلبي ألف رسالة في الرد على البزازي وقال في آخرها: وبالجملة قد تتبعنا كتب الحنفية فلم نجد القول بعدم قبول توبة الساب عندهم سوى ما في البزازية، وقد علمت بطلانه ومنشأ غلطه أول الرسالة اه. وسيذكر الشارح عن المحقق المفتي أبي السعود التصريح بأن مذهب الامام الأعظم أنه لا يقتل إذا تاب ويكتفي بتعزيره، فهذا صريح المنقول عمن تقدم على البزازي ومن تبعه، ولم يستند هو ولا من تبعه إلى كتاب من كتب الحنفية، وإنما استند إلى فهم أخطأ فيه حيث نقل عمن صرح بخلاف ما فهمه كما قدمناه، وإن أردت زيادة البيان في المقام فارجع إلى كتابنا تنبيه الولاة والحكام. قوله: (وهو ظاهر في قبول توبته) المراد بقول التوبة في الدنيا بدفع القتل عنه، أما قبولها في الآخرة فهو محل وفاق، وأصرح منه ما قدمناه عن كتاب الخراج لأبي يوسف، فإن تاب وإلا قتل. قوله: (كذلك) أي يكون شاتما لنبي، لكن قوله يا ابن مائة كلب: إن قاله لشريف فهو ممكن فجرى فيه الخلاف في قول توبته وعدمه، وإلا فقد يكون له مائة أب ليس فيهم نبي.
على أنه يمكن أن يكون مراده أنه اجتمع على أن المشتوم مائة كلب أو ألف خنزير، فلا يدخل أجداده في ذلك، وحيث احتمل التأويل فلا يحكم بالكفر عندنا كما مر. قوله: (وإن شتم الملائكة كالأنبياء) هو مصرح به عندنا، فقالوا: إذا شتم أحدا من الأنبياء أو الملائكة كفر، وقد علمت أن الكفر بشتم الأنبياء كفر ردة، فكذا الملائكة، فإن تاب فيها وإلا قتل. قوله: (فليحرر) قد علمت تحريره بما قلنا. قوله: (هل للشافعي أن يحكم بقبول توبته) أي في إسقاط القتل عنه، وهو مبني على ما ذكره البزازي، وقد علمت أن أهل المذهب قائلون بقبول توبته، فلا وجه لما ذكره. اه. ط. ولذا قال الرحمتي: قد علمت أن هذا ليس مذهبا للحنفية كما نطقت به كتبهم ونقله عنهم الأئمة كالقاضي عياض وابن أبي حمزة. قوله: (لأنها حادثة أخرى الخ) يعني أن حكم الحنفي بكفره بناء على أن مذهبه عدم قبول التوبة لا يرفع الخلاف في عدم قبو ل التوبة، لأن عدم قبولها حادثة أخرى لم يحكم بها الحنفي فيسوغ للشافعي الحكم ب قبولها، وإن قال الحنفي حكمت بالكفر