الهداية: إن أخذ العامي بما يقع في قلبه أنه أصوب أولى، وعلى هذا، إن استفتى مجتهدين فاختلفا عليه، الأولى أن يأخذ بما يميل إليه قلبه منهما. وعندي أنه لو أخذ بقول الذي لا يميل إليه جاز، لان ميله وعدمه سواء، والواجب عليه تقليد مجتهد وقد قعل اه. قوله: (عن معتقدنا) إي عما نعتقده من غير المسائل الفرعية مما يجب اعتقاده على كل مكلف بلا تقليد لاحد، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية، وهم متوافقون إلا في مسائل يسيره أرجعها بعضهم إلى الخلاف اللفظي كما بين في محله. قوله: (ومعتقد خصومنا) أي من أهل البدع المكفرة وغيرها، كالقائلين بقدم العالم أو نفي الصانع أو عدم بعثة الرسل، والقائلين بخلق القرآن وعدم إرادته تعالى الشر ونحو ذلك. قوله: (علم نضج وما احترق) المراد بنضج العلم تقرر قواعده وتفريع فروعها وتوضيح مسائله، والمراد باحتراقه: بلوغه النهاية في ذلك. ولا شك أن النحو والأصول لم يبلغا النهاية في ذلك، أفاده ح. والظاهر، إن المراد بالأصول أصول الفقه، لان أصول العقائد في غاية التحرير والتنقيح تأمل. قوله: (وهو علم البيان) المراد به ما يعم العلوم الثلاثة: المعاني والبيان والبديع، ولذا قال الزمخشري: إن منزلة علم البيان من العلوم مثل منزلة السماء من الأرض، ولم يقفوا على ما في القرآن جميعه من بلاغته وفصاحته ونكته وبديعاته: بل على النزر اليسير. قال الله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) [الاسراء: 88] وإنما ذلك اما فيه من البلاغة ط. قوله: (والتفسير) أي تفسير القرآن، فقد ذكر السيوطي في الاتقان أن القرآن في اللوح المحفوظ، كل حرف منه بمنزلة جبل قاف، وكل آية تحتها من التفاسير ما لا يعلمه إلا الله تعالى ط. قوله: (علم الحديث) لأنه قد تم المراد منه، وذلك لان المحدثين جزاهم الله تعالى خيرا وضعوا كتبا في أسماء الرجال ونسبهم والفرق بين أسمائهم، وبينوا سيئ الحفظ منهم وفاسد الرواية من صحيحها، ومنهم من حفظ المائة ألف والثلاثمائة، وحصروا من رووا عن النبي (ص) من الصحابة، بينوا الاحكام والمراد منها فانكشفت حقيقته ط. قوله: (والفقه) لان حوادث الخلائق على اختلاف مواقعها وتشتتاتها مرقومة بعينها أو ما يدل عليها، بل قد تكلم الفقهاء على أمور لا تقع أصلا أو تقع نادرا وأما ما لم يكن منصوصا فنادر، وقد يكون منصوصا، غير أن الناظر يقصر عن البحث عن محله أو عن فهم ما يفيده مما هو منصوص بمفهوم أو منطوق ط. أو يقال: المراد بالفقه ما يشمل مذهبنا وغيره، فإنه بهذا المعنى لا يقبل الزيادة أصلا، فإنه لا يجوز إحداث قول خارج عن المذاهب الأربعة. قوله: (وقد قالوا الفقه) أي الفقه الذي استنبطه أبو حنيفة أو أعم. قوله: (زرعه) إي أول من تكلم باستنباط فروعه عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل، أحد السابقين والبدريين والعلماء الكبار من الصحابة.
أسلم قبل عمر رضي الله تعالى عنهما. قال النووي في التقريب: وعن مسروق أنه قال: انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر وعلي وأبي وزيد وأبي الدرداء وابن مسعود، ثم انتهى علم الستة إلى علي وعبد الله بن مسعود. قوله: (وسقاه) أي أيده ووضحه علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك النخعي