وجه الفرق أنه لما كان بدلا عن الوضوء أو عن آلته على ما مر من الخلاف ولم يكن مطهرا في نفسه إلا بطريق البدلية لم يصح أن يجعل مقصودا، بخلاف الوضوء فإنه طهارة أصلية.
والأقرب أن يقال: إن كل وضوء تستباح به الصلاة. بخلاف التيمم فإنه منه ما لا تستباح به، فلا يكفي للصلاة التيمم المطلق، ويكفي الوضوء المطلق، هذا ما ظهر لي، والله أعلم. قوله: (ولو صلاة جنازة) قال في البحر: لا يخفى أن قولهم بجواز الصلاة بالتيمم لصلاة الجنازة محمول على ما إذا لم يكن واجدا للماء كما قيده في الخلاصة بالمسافر. أما إذا تيمم لها مع وجوده لخوف الفوت فإن تيممه يبطل بفراغه منها ا ه. لكن في إطلاق بطلانه نظر، بدليل أنه لو حضره جنازة أخرى قبل إمكان إعادة التيمم له أن يصلي عليها به، فالأولى أن يقول: فإن تيممه لم يصح إلا لما نواه وهو صلاة الجنازة فقط، بدليل أنه لا يجوز له أن يصلي به ولا أن يمس المصحف ولا يقرأ القرآن جنبا، كذا قرره شيخنا حفظه الله تعالى. قوله: (في الأصح) هذا بناء على قول الإمام: إنها مكروهة، أما على قولهما المفتى به إنها مستحبة فينبغي صحته وصحة الصلاة به. أفاده ح. قوله: (مقصودة) المراد بها ما لا تجب في ضمن شئ آخر بطريق التبعية، ولا ينافي هذا ما في كتب الأصول من أن سجدة التلاوة غير مقصودة، لان المراد هنا أنها شرعت ابتداء تقربا إلى الله تعالى، لا تبعا لغيرها، بخلاف دخول المسجد ومس المصحف، والمراد بما في الأصول أن هيئة السجود ليست مقصودة لذاتها عند التلاوة بل لاشتمالها على التواضع، وتمامه في البحر. قوله: (خرج دخول مسجد الخ) أي ولو لجنب، بأن كان الماء في المسجد وتيمم لدخوله للغسل، فلا يصلي به كما مر، وخرج أيضا الأذان والإقامة.
ولا يقال: دخول المسجد عبادة للاعتكاف، لان العبادة هي الاعتكاف والدخول تبع له، فكان عبادة غير مقصودة كما في البحر. قوله: (ليعم قراءة القرآن للجنب) قيد بالجنب، لان قراءة المحدث تحل بدون الطهارة، فلا يجوز أن يصلي بذلك التيمم، بخلاف الجنب، وهذا التفصيل جعله في البحر هو الحق، خلافا لمن أطلق الجواز، ولمن أطلق المنع.
وأشار الشارح إلى أن القراءة عباد مقصودة، وجعلها في البحر جزء العبادة، فزاد في الضابط بعد قوله: مقصودة أو جزئها لإدخالها.
واعترضه في النهر بأنه لا حاجة إليه، لان وقوع القراءة جزء عباد من وجه لا ينافي وقوعها عبادة مقصودة من وجه آخر، ألا ترى أنهم أدخلوا سجود التلاوة في المقصودة مع أنه جزء من العبادة التي هي الصلاة ا ه. قوله: (خرج السلام ورده) أي فلا يصلي بالتيمم لهما ولو عند فقد الماء، وكذا قراءة المحدث وزيارة القبور. وأما الاسلام فلا يصح ذكره هنا، لان عند أبي يوسف يصلي به، وعندهما لا يصح أصلا كما نبهنا عليه سابقا، فمن عده هنا لم يصب.
قوله: (فلغا الخ) تفريع على اشتراط النية: أي لما شرطناها فيه، ومن شرائط صحتها الاسلام: لغا تيمم الكافر، سواء نوى عبادة مقصودة لا تصح إلا بالطهارة أو لا، وصح وضوءه لعدم اشتراط النية فيه، ولما لم يشترطها زفر سوى بينهما. نهر قوله: (بنية الوضوء) يريد به طهارة