ما لا يؤكل فإنه لا يجوز أكله جماعة، لان الدباغ فيه ليس بأقوى من الذكاة، وذكاته لا تبيحه، فكذا دباغه. بحر عن السراج. قوله: (وعليه) أي وبناء على ما ذكر من أن ما لا يحتمل الدباغة لا يطهر.
قوله: (جلد حية صغيرة) أي لها دم، أما ما لا دم لها فهي طاهرة، لما تقد أنها لو وقعت في الماء لا تفسده. أفاده ح. قوله: (أما قميصها) أي الحية كما في البحر عن السراج، وظاهر ولو كبيرة.
قال الرحمتي: لأنه لا تحله الحياة، فهو كالشعر والعظم. قوله: (وفأرة) بالهمزة وتبدل ألفا. قوله:
(بذكاة) بالذال المعجمة: أي ذبح. قوله: (لتقيدهما) أي الذكاة والدباغ بما يحتمله: أي يحتمل الدباغ، وكان الأولى إفراد الضمير ليعود على الذكاة فقط، لان تقيد الدباغ بذلك مصرح به قبله.
وعبارة البحر عن التجنيس: لان الذكاة إنما تقام مقام الدباغ فيما يحتمله.
وفي أبي السعود عن خط الشرنبلالي: الذي يظهر لي الفرق بين الذكاة والدباغة لخروج الدم المسفوح بالذكاة وإن كان الجلد لا يحتمل الدباغة ا ه. قلت: لكن أكثر الكتب على عدم الفرق كما يأتي. قوله: (خلا جلد خنزير الخ) قيل إن جلد الآدمي كجلد الخنزير في عدم الطهارة بالدبغ لعدم القابلية، لان لهما جلودا مترادفة بعضها فوق بعض، فالاستثناء منقطع. وقيل إن جلد الآدمي إذا دبغ طهر، لكن لا يجوز الانتفاع به كسائر أجزائه، كما نص عليه في الغاية، وحينئذ فلا يصح الاستثناء.
وأجاب بأن معنى طهر: جاز استعماله، والعلاقة السببية والمسببي لا اللزوم كما قيل، إذ لا يلزم من الطهارة جواز الانتفاع كما علمته، لكن علة عدم الانتفاع بهما مختلفة، ففي الخنزير لعدم الطهارة، وفي الآدمي لكرامته كما أشار إليه الشارح. قال في النهر: وهذا مع ما فيه من العدول عن المعنى الحقيقي أولى ا ه: أي لموافقته المنقول في المذهب، وإلى اختياره أشار الشارح بقوله:
ولو دبغ طهر قال ط: وإنما قدر جلد لان الكلام فيه لا في كل الماهية. قوله: (فلا يطهر) أي لان نجس العين، بمعنى أن ذاته بجميع أجزائه نجسة حيا وميتا، فليست نجاسته لما فيه من الدم كنجاسة غيره من الحيوانات، فلذا لم يقبل التطهير في ظاهر الرواية عن أصحابنا، إلا في رواية عن أبي يوسف ذكرها في المنية. قوله: (وقدم الخ) لما كانت البداءة بالشئ وتقديمه على غيره تفيد الاهتمام بشأنه وشرفه على ما بعده بين أن ذلك في غير مقام الإهانة، أما فيه فالأشرف يؤخر كقوله تعالى: * (لهدمت صوامع) * (الحج: 04) الآية، لان الهدم إهانة فقدمت صوامع الصابئة أو الرهبان وبيع النصارى وصلوات اليهود: أي كنائسهم، وأخرت مساجد المسلمين لشرفها، وهنا الحكم بعدم الطهارة إهانة كذا قيل. أقول: وإنما تظهر هذه النكتة على أن الاستثناء من الطهارة لا من جواز الاستعمال الثابت للمستثنى منه، فإن عدمه الثابت للمستثنى ليس بإهانة. قوله: (وإن حرم استعماله) أي استعمال جلده أو استعمال الآدمي بمعنى أجزائه وبه يظهر التفريع بعده. قوله: (احتراما) أي لا نجاسة. قوله: (وأفاد كلامه) حيث لم يستثن من مطلق الإهاب سوى الخنزير والآدمي. قوله: (وهو المعتمد) أما في الكلب فبناء على أنه ليس بنجس العين، وهو أصح التصحيحين كما يأتي. وأما في الفيل فكذلك كما هو قولهما، وهو الأصح خلافا لمحمد، فقد روى البيهقي أنه (ص) كان يمتشط