أصغر أو أكبر جنابة أو حيضا أو نفاسا بعد انقطاعهما، أما قبل الانقطاع وليس على أعضائهما نجاسة فهما كالطاهر إذا انغمس للتبرد لعدم خروجها من الحيض، فلا يصير الماء مستعملا. بحر عن الخانية والخلاصة، وتمامه في ح. قوله: (في بئر) أي دون عشر ح: أي وليست جارية. قوله:
(لدلو) أي لاستخراجه، وقيد به لأنه لو كان للاغتسال صار مستعملا اتفاقا. قال في النهر: أي بين الامام، والثالث لما مر من اشتراط الصب على قول الثاني ا ه. وذكره في البحر بحثا.
أقول: والظاهر أن اشتراط الصب على قول الثاني عند عدم النية لقيامه مقامها كما يدل عليه ما يأتي من تصريحه بقيام التدلك مقامها. فتدبر. قوله: (أو تبرد) تبع في ذكره صاحب البحر والنهر، بناء على ما قيل: إنه عند محمد لا يصير الماء مستعملا إلا بنية القربة. وقدمنا أن ذلك خلاف الصحيح عنده، وأن عدم الاستعمال في مسألة البئر عنده هي الضرورة ولا ضرورة في التبرد، فلذا اقتصر في الهداية على قول لطلب الدلو. قوله: (مستنجيا بالماء) قيد به لأنه لو كان بالأحجار تنجس كل الماء اتفاقا كما في البزازية. نهر.
قلت: وفي دعوى الاتفاق نظر، فقد نقل في التاترخانية اختلاف التصحيح في التنجيس وعدمه: أي بناء على أن الحجر مخفف أو مطهر، ورجح في الفتح الثاني، نعم الذي في أكثر الكتب ترجيح الأول كما أفاده في تنوير الابصار، وتمام الكلام عليه سيأتي في فصل الاستنجاء إن شاء الله تعالى. قوله: (ولا نجس عليه) عطف عام على خاص، فلو كان على بدنه أو ثوبه نجاسة تنجس الماء اتفاقا. قوله: (ولم ينو) أي الاغتسال فلو نواه صار مستعملا بالاتفاق إلا في قول زفر. سراج.
وهذا مؤيد لما قدمناه من أنه عند الثاني مستعمل أيضا، والمراد أنه لم ينو بعد انغماسه في الماء فلا ينافي قوله: لدلو، أفاده ط قوله: (ولم يتدلك) كذا في المحيط والخلاصة، وظاهر أنه لو نزل للدلو وتدلك في الماء صار مستعملا اتفاقا، لان التدلك فعل منه قائم مقام النية فصار كما لو نزل للاغتسال. بحر ونهر، فتنبه. وقيده في شرح المنية الصغير بما إذا لم يكن تدلكه لإزالة الوسخ. قوله:
(والأصح الخ) هذا القول غير الأقوال الثلاثة المارة المرموز إليها بجحظ ذكره في الهداية رواية عن الامام. قال في البحر: وعن أبي حنيفة أن الرجل طاهر، لأن الماء لا يعطي له حكم الاستعمال قبل الانفصال من العضو. قال الزيلعي والهندي وغيرهما تبعا لصاحب الهداية: وهذه الرواية أوفق الروايات: أي للقياس. وفي فتح القدير وشرح المجمع أنها الرواية المصححة. ثم قال في البحر:
فعلم أن المذهب المختار في هذه المسألة أن الرجل طاهر والماء طاهر غير طهور، أما كون الرجل طاهرا فقد علمت تصحيحه، وأما كون الماء المستعمل كذلك على الصحيح فقد علمته أيضا مما قدمناه ا ه. ومثله في الحلية، وبه علم أن هذا ليس قول محمد، لان عنده لا يصير الماء مستعملا للضرورة كما مر. وأما الامام فلم يعتبر الضرورة هنا، بل حكم باستعماله لسقوط الفرض كما تقدم تقريره، ولو اعتبر الضرورة لم يصح الخلاف المرموز له، نعم ذكر في البحر عن الجرجاني أنه أنكر الخلاف إذ لا نص فيه وأنه لا يصير مستعملا، كما لو اغترف الماء بكفه للضرورة بلا خلاف.
أقول: وهو خلاف المشهور في كتب المذهب من إثبات الخلاف، ومن أن الذي اعتبر الضرورة هو محمد فقط، وكأن غيره لم يعتبر هنا لندرة الاحتياج إلى الانغماس، بخلاف الاحتياج إلى الاغتراف باليد، فافهم. قوله: (والمراد الخ) صرح به فالحلية والبحر والنهر، ورده العلامة المقدسي في