وعدل عن التعبير بإلى المحتملة لدخول المرفقين والكعبين وعدمه إلى التعبير بمع الصريحة بالدخول للاحتراز عن القول بعدمه المشار إليه بقول الشارح على المذهب: أي خلافا لزفر ومن قال بقوله من أهل الظاهر، وهو رواية عن مالك. قوله: (والكعبين) هما العظمان الناشزان من جانبي القدم: أي المرتفعان، كذا في المغرب وصححه في الهداية وغيرها. وروى هشام عن محمد أنه في ظهر القدم عند معقد الشراك، قالوا: هو سهو من هشام، لان محمدا إنما قال ذلك في المحرم إذا لم يجد النعلين حيث يقطع خفيه أسفل من الكعبين، وأشار محمد بيده إلى موضع القطع فنقله هشام إلى الطهارة، وتمامه في البحر وغيره. قوله: (وما ذكروا) أي في الجواب عما أورد أنه ينبغي غسل يد ورجل، لان مقابلة الجمع بالجمع تقتضي انقسام الآحاد على الآحاد. قوله: (بعبارة النص) أي بصريحه المسوق له ط.
قوله: (بدلالته) أي إنه مفهوم منه بطريق المساواة. قوله: (ومن البحث في إلى) أي في كونها تدخل الغاية أو لا تدخلها، أو الامر محتمل، والمرجح القرائن وغير ذلك مما أطال في البحر ط. قوله:
(وفي القراءتين) أي قراءتي الجر والنصب في * (أرجلكم) * (المائدة: 6) من حمل الجر على حالة التخفيف والنصب على غيرها، أو أن الجر للجوار، لان المسح غير مغيا بالكعبين إلى آخر ما أطال به في الدرر وغيرها. قوله: (قال في البحر: لا طائل تحته) أي لا فائدة فيه، والجملة خبر ما في قوله وما ذكروا، أفاده ط. قوله: (بعد انعقاد الاجماع على ذلك) أي على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخوله المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما، أفاده ح.
أقول: من استدل بالآية كالقدوري وغيره من أصحاب المتون يحتاج إلى ذلك ليتم دليله، على أن في ثبوت الاجماع على دخول المرفقين كلاما، لأنه في البحر أخذه من قول الإمام الشافعي: لا نعلم مخالفا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء. ورده في النهر بأن قول المجتهد: لا أعلم مخالفا، ليس حكاية للاجماع الذي يكون غيره محجوجا به، فقد قال الامام اللامشي في أصوله: لا خلاف أن جميع المجتهدين لو اجتمعوا على حكم واحد ووجد الرضا من الكل نصا كان ذلك إجماعا، فأما إذا نص البعض وسكت الباقون لا عن خوف بعد اشتهار القول فعامة أهل السنة أن ذلك يكون إجماعا. وقال الشافعي: لا أقول إنه إجماع، ولكن أقول: لا أعلم فيه خلافا. وقال أبو هاشم من المعتزلة: لا يكون إجماعا ويكون حجة أيضا ا ه. وقدمنا أيضا عن شرح المنية أن غسل المرفقين والكعبين ليس بفرض قطعي، بل هو فرض عملي كربع الرأس، ولذا قال في النهر أيضا: لا يحتاج إلى دعوى الاجماع، لان الفروض العملية لا يحتاج في إثباتها إلى القاطع. قوله: (ومسح ربع الرأس) المسح لغة: إمرار اليد على الشئ. وعرفا: إصابة الماء العضو.
واعلم أن في مقدار فرض المسح روايات أشهرها ما في المتن. الثانية مقدار الناصية، واختارها القدوري، وفي الهداية وهي الربع. والتحقيق أنها أقل منه. الثالثة مقدار ثلاثة أصابع، رواها هشام عن الامام، وقيل هي ظاهر الرواية. وفي البدائع: أنها رواية الأصول، وصححها في التحفة وغيرها. وفي الظهيرية: وعليها الفتوى. وفي المعراج: أنها ظاهر المذهب واختيار عامة المحققين، لكن نسبها في الخلاصة إلى محمد، فيحمل ما في المعراج من أنها ظاهر المذهب على