والطيور ضربان (أحدهما) ما ليس في أصله مأكولا (والثاني) ما أحد أصليه مأكولا فالأول لا يحرم التعرض له بالاحرام فيجوز للمحرم قتله ولا جزاء عليه وكذلك يجوز قتله للحلال والمحرم في الحرم ولا جزاء عليه للأحاديث السابقة قال أصحابنا وهذا للضرب ثلاثة أقسام (أحدها) ما يستحب قتله للمحرم وغيره وهي المؤذيات كالحية والفأرة والعقرب والخنزير والكلب العقور والغراب والحدأة والذئب والأسد والنمر والدب والنسر والعقاب والبرغوث والبق والزنبور والقراد واللكة والقرقش وأشباهها (القسم الثاني) ما فيه نفع ومضرة كالفهد والعقاب والبازي والصقر ونحوها فلا يستحب قتلها ولا يكره لما ذكره المصنف قال القاضي نفع هذا الضرب انه يعلم للاصطياد وضرره انه يعدو على الناس والبهائم (الثالث) ما لا يظهر فيه نفع ولا ضر كالخنافس والدود والجعلان والسرطان والبغاثة والرخمة والعضا واللحكاء والذباب وأشباهها فيكره قتلها ولا يحرم هكذا قطع به المصنف والجمهور * وحكى امام الحرمين وجها شاذا انه يحرم قتل الطيور دون الحشرات ودليل الكراهة انه عبث بلا حاجة وقد ثبت في صحيح مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان الله كتب الاحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا) إلى آخره وليس من الاحسان قتلها عبثا وروى البيهقي عن قطبة بن مالك الصحابي رضي الله عنه قال (كان يكره أن يقتل الرجل ما لا يضره) قال أصحابنا ولا يجوز قتل النحل والنمل والخطاف والضفدع وفى وجوب الجزاء بقتل الهدهد والصرد خلاف مبني على الخلاف في جواز أكلهما ان جاز وجب والا فلا * واستدل البيهقي وغيره في المسألة بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد) رواه أبو داود باسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحي الله تعالى إليه في أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح) رواه البخاري ومسلم والله أعلم (وأما) الكلب الذي ليس بعقور فإن كان فيه منفعة مباحة فقتله حرام بلا خلاف وان لم يكن فيه منفعة مباحة فالأصح أنه يحرم قتله وقيل يكره والامر بقتل الكلاب منسوخ وقد سبقت المسألة مستوفاة في باب إزالة النجاسة
(٣١٦)