وسكوتهم عليه يدل على سقوط هذا التأويل * وعن أبي عطفان بن طريف المرني (ان أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه) رواه مالك في الموطأ وروى البيهقي باسناده عن سعيد ابن المسيب (أن رجلا تزوج وهو محرم فاجمع أهل المدينة على أن يفرق بينهما) ولأنه نكاح لا يعبه استباحه الوطئ ولا القبلة فلم يصح كنكاح المعتدة ولأنه عقد يمنع الاحرام من مقصوده فمنع أصله كشراء الصيد (وأما) الجواب عن حديث ابن عباس في نكاح ميمونة فمن أوجه (أحدها) ان الروايات اختلفت في نكاح ميمونة فروى يزيد بن الأصم عن ميمونة وهو ابن أختها (ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال) رواه مسلم وعن أبي رافع (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا وبني بها حلالا وكنت الرسول بينهما) رواه الترمذي وقال حديث حسن * قال أصحابنا وإذا تعارضت الروايات تعين الترجيح فرجحنا رواية الأكثرين انه تزوجها حلالا (الوجه الثاني) ان الروايات تعارضت فتعين الجمع وطريق الجمع تأويل حديث ابن عباس ان قوله (محرما) أي في الحرم فتزوجها في الحرم وهو حلال أو تزوجها في الشهر الحرام وهذا شائع في اللغة والعرف ويتعين التأويل للجمع بين الروايات (الثالث) الترجيح من وجه آخر وهو ان رواية تزوجها حلالا من جهة ميمونة وهي صاحبة القصة وأبي رافع وكان السفير بينهما فهما أعرف فاعتماد روايتهما أولى (الرابع) انه لو ثبت انه تزوجها صلى الله عليه وسلم محرما لم يكن لهم فيه دليل لان الأصح عند أصحابنا أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج في حال الاحرام وهو قول أبي الطيب بن سلمة وغيره من أصحابنا والمسألة مشهورة في الخصائص من أول كتاب النكاح (وأما) الجواب عن أقيستهم كلها فهو انها كلها ليست نكاحا وإنما ورد الشرع بالنهي عن النكاح * وعن قياسهم على الامام ان الأصح عندنا ألا يصح تزويجه لعموم الحديث وقد سبق بيان هذا (وإن قلنا) بالضعيف انه يجوز فالفرق بقوة ولايته والله أعلم *
(٢٨٩)