زمن يمكن فيه الحج لم يجب عليه ولا يستقر عليه هكذا قاله الأصحاب قالوا والمراد ان يبقى زمن يمكن فيه الحج إذا سار السير المعهود فإذا احتاج إلى أن يقطع في يوم أو بعض الأيام كثر من مرحلة لم يجب الحج ولم يذكر الغزالي هذا الشرط وهو إمكان السير وأنكر عليه الرافعي ذلك وقال هذا الامكان شرطه الأئمة لوجوب الحج وأهمله الغزالي فأنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح على الرافعي اعتراضه هذا على الغزالي وجعله امكان السير ركنا لوجوب الحج وإنما هو شرط استقرار الحج ليجب قضاؤه من تركته لو مات قبل الحج وليس شرطا لأصل وجوب الحج بل متى وجدت الاستطاعة من مسلم مكلف حر لزمه الحج في الحال كالصلاة تجب بأول الوقت قبل مضي زمن يسعها ثم استقرارها في الذمة يتوقف على مضي زمن التمكن من فعلها هذا اعتراضه والصواب ما قاله الرافعي وقد نص عليه المصنف والأصحاب كما نقل (وأما) انكار الشيخ ففاسد لان الله تعالى قال (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) وهذا غير مستطيع فلا حج عليه وكيف يكون مستطيعا وهو عاجز حسا (وأما) الصلاة فإنها تجب بأول الوقت لامكان تتميمها والله أعلم * هذا مذهبنا وحكى أصحابنا عن أحمد أن امكان السير وأمن الطريق ليسا بشرط في وجوب الحج * دليلنا أنه لا يكون مستطيعا بدونهما والله أعلم * قال المصنف رحمه الله تعالى * (وإن كان من مكة على مسافة لا تقصر فيها الصلاة ولم يجد راحلة نظرت فإن كان قادرا على المشي وجب عليه لأنه يمكنه الحج من غير مشقة شديدة وإن كان زمنا لا يقدر على المشي ويقدر على الحبو لم يلزمه لان المشقة في الحبو في المسافة القريبة أكثر من المشقة في المسافة البعيدة في السير وإن كان من أهل مكة وقدر على المشي إلى مواضع النسك من غير خوف وجب عليه لأنه يصير مستطيعا بذلك) * (الشرح) قال أصحابنا من كان في مكة أو كانت داره من مكة على مسافة لا تقصر فيها الصلاة فإن كان قويا على المشي لزمه الحج ولا يشترط وجود الراحلة لأنه ليس في المشي في هذه الحالة مشقة كثيرة وإن كان ضعيفا لا يقوى على المشي أو يناله به ضرر ظاهر اشترطت الراحلة لوجوب
(٨٩)