الاحرام بالحج من ميقات بلده ولا فرق بين أن يترك منه مسافة قليلة أو كثيرة وإن أحرم من موضع من الحرم خارج مكة ولم يعد إلى مكة فهل هو كمن أحرم من مكة أم كمن أحرم من الحل قال صاحب الشامل والبيان فيه وجهان وقيل قولان (أحدهما) كمكة لأنهما سواء في الاحرام وتحريم الصيد وغيره (والثاني) كالحل لان مكة صارت ميقاته فهو كمن لزم الاحرام من قريته التي بين مكة والميقات فجاوزها وأحرم وهذا الثاني أصح * (فرع) قال صاحب البيان قال الشافعي في القديم إذا حج رجل لنفسه من ميقات في أشهر الحج فلما ما تحلل منه أحرم بالعمرة عن نفسه من أدنى الحل أو تمتع أو قرن لنفسه من الميقات ثم اعتمر عن نفسه من أدني الحل لم يلزمه عن العمرة المتأخرة دم وكذا لو أفرد عن غيره فحج ثم اعتمر عنه من أدنى الحل أو تمتع أو قرن عن زيد ثم أحرم عنه بالعمرة من أدني الحل لم يجب عليه الا دم القران والتمتع قال فأما إذا اعتمر عن نفسه من الميقات ثم حج عن غيره من مكة أو حج عن غيره من مكة أو حج عن نفسه من الميقات ثم اعتمر عن غيره من أدنى الحل فعليه الدم خلافا أبي حنيفة * دليلنا ان الاحرامين إذا كانا عن شخصين وجب فعلهما من الميقات فإذا ترك الميقات في أحدهما لزم الدم كمن مر بالميقات مريدا للنسك وان أحرم بعد مجاوزته قال صاحب البيان وعلى قياس هذا إذا أحرم الأجير بالعمرة من الميقات عن المستأجر تحلل منها ثم أقام يعتمر عن نفسه من أدنى الحل ثم أحرم بالحج من مكة عن المستأجر لزمه الدم للعمرة التي أحرم بها عن نفسه من أدني الحل ولا يلزم الدم لما بعدها من العمر لان الواجب عليه أن يحرم عن نفسه من الميقات بنسك واحد * هذا آخر كلام صاحب البيان * (فرع) إذا فرغ المتمتع من أفعال العمرة صار حلالا وحل له الطيب واللباس والنساء وكل محرمات الاحرام سواء كان ساق الهدى أم لا هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا وبه قال مالك * وقال أبو حنيفة واحمد ان لم يكن معه هدى تحلل كما قلنا فإن كان معه هدى لم يجز أن يتحلل بل يقيم على احرامه حتى يحرم بالحج ويتحلل منهما جميعا لحديث حفصة رضي الله عنها انها قالت لرسول الله (ما شأن الناس حلوا لعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك قال إني لبدت رأسي وقلدت
(١٨٠)