الفصل الخامس من ترك الأذان والإقامة، أو أحدهما عمدا، حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها واستئنافها على الأحوط لزوما، وإذا تركهما أو ترك الإقامة فقط عن نسيان فالأقرب استحباب الاستئناف له مطلقا، ولكن يختلف مراتبه حسب اختلاف زمان التذكر وكونه قبل الدخول في القراءة أو بعده، قبل الدخول في الركوع أو بعده ما لم يفرغ من الصلاة فالاستئناف في كل سابق أفضل من لاحقه.
ايقاظ وتذكير: قال الله تعالى (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) وروي عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام كما في أخبار كثيرة أنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما يقبل عليه منها وأنه لا يقدمن أحدكم على الصلاة متكاسلا، ولا ناعسا، ولا يفكرن في نفسه، ويقبل بقلبه على ربه. ولا يشغله بأمر الدنيا، وأن الصلاة وفادة على الله تعالى، وأن العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى، فينبغي أن يكون قائما مقام العبد الذليل، الراغب الراهب، الخائف الراجي المسكين، المتضرع، وأن يصلي صلاة مودع يرى أن لا يعود إليها أبدا، وكان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة، لا يتحرك منه إلا ما حركت الريح منه، وكان أبو جعفر، وأبو عبد الله عليهما السلام إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما، مرة حمرة، ومرة صفرة، وكأنهما يناجيان شيئا يريانه، وينبغي أن يكون صادقا في قوله: (إياك نعبد وإياك نستعين) فلا يكون عابدا لهواه، ولا مستعينا بغير مولاه. وينبغي إذا أراد الصلاة، أو غيرها من الطاعات أن يستغفر الله تعالى،