في ارتفاعه يستصحب بقائه وهو من الاستصحاب التنجيزي، وأما الاستصحاب القاضي بوجوب الإزالة فهو تعليقي لأن وجوب الإزالة سابقا كان معلقا على تحقق النجاسة، و الاستصحاب التعليقي لا يجري فبالنسبة إلى وجوب الإزالة يتعين الرجوع إلى أصالة البراءة وهي تقتضي عدم الوجوب.
وفيه: أولا أن حرمة التنجيس ووجوب الإزالة ليسا حكمين بل هما حكم واحد وهو حرمة وجود النجاسة في المسجد، ويعبر عن حرمة أحداث النجاسة بحرمة التنجيس، و عن حرمة ابقائها بوجوب الإزالة، فعلى فرض جريان الاستصحاب يجري استصحاب حرمة وجود النجاسة فيه وينتزع منه حكمان، حرمة التنجيس، ووجوب الإزالة.
وثانيا: إن المختار عندنا عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية مطلقا من جهة إن الشك في بقائه مسبب عن الشك في الجعل بنحو يكون باقيا - و حيث أن الحكم المشكوك بقائه لم يكن في أول الشريعة مجعولا قطعا ويشك في جعله فيستصحب عدم الجعل ويثبت به عدم الحكم بناء على ما حققناه في حاشيتنا على الكافية وزبدة الأصول، من أن استصحاب عدم الجعل يجري ويثبت به عدم المجعول.
ودعوى: أن جعل الحكم المشكوك بقائه معلوم إما إلى الأبد أو ما دام لم يشك فيه، فاستصحاب عدم جعله إلى الأبد يعارض استصحاب عدم جعله إلى حين زمان الشك فيتساقطان فيرجع إلى الأصل المحكوم وهو استصحاب بقاء المجعول.
مندفعة: بأن استصحاب عدم جعله إلى حين زمان الشك لا يجري إذا لجعل في ذلك الزمان معلوم فالحق عدم جريان استصحاب حرمة التنجيس أيضا.
الوجه الثالث: ما نسب إلى بعض الأجلة وهو أن دليل حرمة التنجيس لفظي ومقتضي إطلاقه حرمة تنجيسه بعد الخراب وجعله طريقا، ودليل وجوب الإزالة لبي والمتيقن منه المسجد العامر فلو خرب يشك في وجوب الإزالة عنه وأصل البراءة يقتضي عدم وجوبه.
وفيه: ما تقدمت الإشارة إليه من أنهما لبسا حكمين بل هما حكم واحد وهو حرمة وجود النجاسة في المسجد ودليله واحد، وعلى فرض التعدد دليلاهما من سنخ واحد.
فالمتحصل: مما ذكرناه عدم حرمة تنجيسه، وعدم وجوب الإزالة عنه.